الحياة بعد الموت

the sun
دقيقة للقراءة

المقدمة :

الحياة بعد الموت، هي المسألة التي سنُلقي الضوء عليها في مقالنا التالي، والتي سوف نشرحها من عدة جوانب

وذلك من خلال دراساتنا لآيات القرآن الكريم، نطرحها لكم من وجهة نظرنا الخاصة

أولاً : خلاف وجود حياة بعد الموت

عندما تنظر لبعض آيات القرآن الكريم، والتي جاء فيها ذكر الموت والحياة

قد تجد أن هناك اختلاف في فكرة وجود حياة بعد الموت

- Advertisement -

وهُنا لابد أن نقف لنوضح ونتطرق لمسألة جداً مهمة

وهي أنك لا تستطيع أن تبني فكرة، أو تُطلق قاعدة شرعية كاملة، فقط من خلال آية واحدة أو كلمة

في القرآن تكون في سياق سرد قصة أو حدث، أو لتوضيح موقف معين

ففي مسألة وجود حياة بعد الموت، جاء في القرآن الكريم آياتٍ وضّحت هذهِ المسألة، ومنها كذلك ما جاء على لسان الكفار في ذلك

لذلك لا تستطيع أن تشرح قاعدة مهمة من القرآن، كالحياة بعد الموت استناداً على بضع آيات فقط

- Advertisement -

دون الرجوع إلى كل الآيات التي تخص هذهِ المسألة، كذلك السياق والأحداث، وعلى لسان من ذُكرت

ومن هذا المنطلق نشرح وعلى سبيل المثال، بعض الآيات التي جاء فيها ذكر الحياة والموت، وتوضيحاً لخلاف وجود حياة بعد الموت

موقف الكفار ونكرانهم لوجود حياة بعد الموت

جاء في قوله تعالى :

- Advertisement -
  • إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠)
  • قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ (١١)
  • ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ(١٢)
سورة غافر

في الآيات الكريمة السابقة، ذكر الله عزّوجلّ، مسألة وجود الحياة بعد الموت، في سرد أحداث الكافرين

 حيث كانت مشكلة الكافرين للكثير من الانبياء، وإلى يومنا هذا، أنهم يرفضون وجود الله تعالى، و وجود حياة بعد حياة الدنيا

فكانوا الانبياء يُرسلون إلى هذهِ الفئات من أقوامهم، وما زالت هذهِ الفئة موجودة إلى هذا اليوم

هؤلاء لا يؤمنون بحياة أخرى بعد الموت في الحياة الدنيا، حيث أنهم يقولون أن اجسادنا عندما تهرم وتكبر وتموت لا يوجد لها رد مره أخرى، تفكّر فلسفي مثل فلسفة ارسطو

فهي لن تحيا في البرزخ ولن تحيا يوم القيامة ولا يوجد لها حساب، إنها فانية

هُنا أتى الرد من الله تعالى، على الكافرين في الآيات الكريمة في سورة الصافات

بسم الله الرحمن الرحيم

(( فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ (50) قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ (51) يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُصَدِّقِينَ (52) أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلۡ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ (54)فَٱطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِي سَوَآءِ ٱلۡجَحِيمِ (55) قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرۡدِينِ (56) وَلَوۡلَا نِعۡمَةُرَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحۡنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوۡتَتَنَا ٱلۡأُولَىٰ وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) ))

حيث أنها توضّح صدمة الكافر في يوم الحساب، بأن هناك حياة بعد الموت وكذلك هناك حساب، وأنت الآن بين يدي الله جلّ وعلا

هنا يُحاسبه الله عزوجل، لماذا لم تؤمن عندما أتاك رسول منك، من قومك تعرف حسبه ونسبه وتعرف صدقه ؟

فيرد الكافر، أن قد كان لي قرين، وهذا القرين كان يقول لي هل أنت من المصدقين أن هناك حياة بعد الموت، هي حياة واحدة فقط وهي الدنيا متاع الغرور

فالله سبحانه وتعالى، يقول له اطلّع بالجحيم، اطلّع بالنار قرينك سبقك عليها

أما بالنسبة للقاعدة الثابتة في مسألة الحياة بعد الموت، نذكرها فيما يلي

ثانياً : وجود حياة بعد الموت

مما ورد في سورة البقرة، آية ٢٨، قوله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾

من الآيات الكريمة السابقة، تستند على نص وقاعدة ثابتة فيما يخص الحياة والموت

نستخلص منها أنه يوجد حياة في البرزخ، وحياة في الآخرة، وحياة الدنيا

وحياة حتى قبل بث الروح، وهي عندما يكون الإنسان في بطن أمه، في غيابات الرحم

كذلك تجد في الآيات السابقة، موقف يظهره ويبينه الله جل شأنه، لكل واحد أنكر وجود حياة ثانيه وثالثه،( حياة البرزخ أو حياة البعث )

موقف حساب الكافر الرافض ليوم البعث والقيامة وجزائه

من لا يؤمن بهذه القاعدة، يكون كافر وحسابه وموقفه يوم القيامة، سيكون كما ورد في الآيات السابقة في سورة الصافات

فأركان الإيمان في الإسلام :

١- الإيمان بالله وملائكته

 ٢- والإيمان بالكتب السماوية

 ٣- كذلك الإيمان بالأنبياء والرسل

 ٤- الإيمان باليوم الآخر

 ٥- والإيمان بالقضاء وبالقدر خيره وشره

الايمان باليوم الآخر أو يوم القيامة، اي بمعنى آخر أنه يوجد حياة بعد الموت

فنحن نؤمن بالحياة بعد الموت كجزء عقيدة، وأي نقص بهذه لا تعتبر مؤمن

يجب الإيمان بها جميعاً

ثالثاً : دلالات الحياة بعد الموت

جاء في الأحاديث النبوية الشريفة، والقرآن الكريم، ما يدل على وجود الحياة بعد الموت، والتي تكون في عالم البرزخ وقبل يوم القيامة

كذلك ما يُستحب فعله للميت بعد وفاته، وهذهِ من أكبر الدلالات على الحياة في عالم البرزخ بعد الموت

وفي ما يلي نذكر من الآيات الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة بما يخص ذلك

قال تعالى في سورة المنافقون :

بسم الله الرحمن الرحيم

(( وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) ))

وفي سورة المؤمنون قال تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

(( حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ رَبِّ ٱرۡجِعُونِ (99) لَعَلِّيٓ أَعۡمَلُ صَٰلِحٗا فِيمَا تَرَكۡتُۚ كَلَّآۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَاۖ وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ (100) ))

تستشف من الآيات الكريمة السابقة، أن الميت يطلب الرجوع للحياة الدنيا ليتصدّق ويعمل عملاً صالحاً

أي بمعنى آخر، أن الميت بعد الوفاة يعلم أنه مات، وتتضح له الأمور، ويُسأل كذلك عن حياته الدنيا وأعماله، فيدعو للرجوع

دليل على وجود حياة بعد الموت في عالم البرزخ

ودلالة قوله تعالى : (( وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ (100) ))، على وجود الأرواح في عالم البرزخ إلى يوم البعث

وأما ما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة في ذلك

قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – : (إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته قبل موته علماً علمه، ونشره، وولداً صالحاً يدعو له ومصحفاً ورثه ومسجداً بناه وبيتاً لابن السبيل بناه ونهراً أجراه وصدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته). متفق عليه.

كذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، إذا فرغ من دفن ميت وقف عليه وقال: ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل )

بمعنى أن الدعاء والاستغفار يصل للميت بعد وفاته

ومن هُنا نصل إلى الجانب الأخير في مسألة الحياة بعد الموت، وهي ما يصل للميت بعد وفاته

رابعاً : ماذا يصل للميت بعد وفاته ؟

قبل الإجابة على هذا السؤال نقول، إذا كان الميت في عالم البرزخ له أعمال صالحة كثيرة، لكن هذهِ الأعمال تجدها مغلقة

يعود ذلك بسبب وجود حق من حقوق الناس على الميت، ولم يتم إرجاع الحق لأصحابه أو لم تتم مسامحة الميت عليه

على سبيل المثال، ديّن على الميت لم يُدفع، أو رهن لم يعيده

يأتي ملاك خاص، ملك الأحلام ويزور أحد أبناء الميت، أو أحد الأقارب المقربين له، فيرى في عالم الرؤيا هذا الميت وكأنه بما معناه أن هذا الميت في وضع غير جيد

بحيث أن تصل الرسالة لأهل الميت عن طريق الرؤى والأحلام، أن هذا الميت عليه حق، أو محتاج للدعاء أو الصدقات

أو تكون الرؤيا حصرية ويذكر الميت ما عليه من حقوق صراحةً

لذلك يأتي العُرف أن يسأل أهل الميت إن كان عليه دين أو حق ليتم سداده

وبعد أن يتم ذلك، يأتي ملك الأحلام مرة أخرى ليبشر أهل الميت أن الميت بخير والعمل وصل له

والجدير بالذكر هنا، أن من يأتي في الأحلام هو ملك الأحلام ويتجسد بشكل الميت وليس الميت نفسه من يأتي بالأحلام

وهذه المساعدة التي يحصل عليها الميت من هذا الملاك، هي بشكل كبير نتيجة المداومة على قراءة سورة في القرآن الكريم قبل النوم، وهي سورة الملك

واستناداً على الآيات الكريمة السابقة، والأحاديث النبوية الشريفة فإن ما يصل للميت بعد وفاته

الصدقات – ولد صالح يدعو له – علم نشره

الختام

الرسول الكريم -عليه أفضل الصلاة والسلام وآله-، ذكر ولد صالح يدعو له، وليس ولد يدعو له

وذلك لأن ليس فقط الدعاء، الدعاء جزء، أم أن الولد يقدم مثلاً، صدقه جاريه عن الميت، أو يزكى أو يتصدق عنه دائمًا

ويوزع عن هذا الميت ويستغفر و يسبح له، و يقوم باطعام المساكين وكفاله اليتامى لهذا الميت

فتجد أن هذا الميت من الممكن أن يكون حامل آثام كبيره، عندما يأتي لحظة الفصل، وقت الحساب، يتفاجأ هذا الميت

يقول من أين لي كل هذا الخير؟ فالله عزّوجل، يقول له لديك ولد صالح

لذلك الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وآله، لم يقل لك ولد يدعو له قال لك ولد صالح، لأن هذه الميزه سوف تكون في الصالحين فقط، انظر مقال/دراسة حول آية ” لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ “

ثامر 🌷🌷

الله أعلم وأحكم

المصدر : محبين الفلك والجفر مع ثامر

مشاركة