هل القلب هو الفؤاد؟
الكثير من الناس يستخدمون كلمة القلب والفؤاد، ويعتقدون أنهما تشيران إلى نفس المعنى وأنه لا فرق بينهما. فمنذ أربعة عشر قرنًا جاء القرآن الكريم وبسبب إعجازه العلمي أجاب على الكثير من الأسئلة التي تخص القلب والفؤاد.
القلب هو ذلك الشيء المحسوس والملموس. ومنبع ضخ الدم، والجذر الفؤادي، وهو منبع القوة والطمأنينة الإيمانية.
الفؤاد هو البصيرة التي لا تتوقف؛ لان الله عزّ وجلّ خلق البصيرة معك وقت خلقت؛ فهي موجود بالغريزة، وهو الشعور والإحساس؛ على سبيل المثال فاقدين النظر يتعرفون على الأشياء من خلال بصيرتهم واحساسهم،
القلب هو الأصل(الجذر). وأصل الشيء الجذع، والفؤاد هو الثمرة، فإن فسد القلب أفسد الفؤاد، وان كان قلبك صالحاً، صلح فؤادك وسمعك وبصرك. قال الله تعالى في سورة البقرة آية(٧): (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ).
إن ضل القلب عن الإسلام، ضل القلب عن الإيمان؛ ولكن البصيرة خلقت بالغريزة مع الانسان وقت خلق، فلا تتوقف عن الإحساس.
أين يقع القلب؟
قال الله تعالى:في سورة الحج- آية(٤٦).
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ.).
في هذه الآية الكريمة، حدد الله عز وجل، وذكر أن القلب يقع بالصدر. ولم يذكر أن الفؤاد موجود بالصدر، المقصود أن الأعمى هو الذي عميت بصيرته، فكفّ عن الإدراك السليم والإحساس.
ما هو الفرق؟
قال الله تعالى:
(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ). سورة السجدة الآيات (٧،٨،٩).
قال الله تعالى:
(خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، (سورة البقرة، آية ٧).
في الآيات السابقة وفي سورة السجدة، جاءت كلمة الفؤاد بعد السمع والبصر، وفي سورة الحج جاءت كلمة القلب قبل السمع والبصر. وهذا دليل على أن القلب أداة فيختلف عن الفؤاد، وان الفؤاد هو البصيرة وأنه مرتبط بالسمع والبصر والأحاسيس والمشاعر.
نتكلم هنا عن الإنسان عامة وليس عن الغريزة الانسانية، فالفؤاد الصالح يختلف عن الفؤاد الطالح بصلاح القلب، فإن صلح القلب صلح الفؤاد، وإن بطل القلب بطل الفؤاد. والفؤاد مثل الضمير وقريب من مفهوم الضمير، مثل الضمير الحيّ، والضمير الغير حيّ.
قال الله تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) سورة آل عمران آية (٨).
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَعَوَاتٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَا:
(يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ”، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تُكْثِرُ فتَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ، فَقَالَ: «إِنَّ قَلْبَ الْآدَمِيِّ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا شَاءَ أَزَاغَهُ، وَإِذَا شَاءَ أَقَامَهُ).
اللهم ثبت قلبي على دينك. القلب هو الأساس؛ فهو موجود عند الإنسان المؤمن وغير المؤمن؛ وبالتالي، ليس كل من يملك قلبًا مؤمنًا؛ فعندما يتقلب القلب يتقلب الفؤاد معه، فهي عملية إحساس.؛ مثل الضمير، هنا الضمير غير ملموس، والفؤاد غير ملموس؛ فهو مسؤول عن البصيرة والطمأنينة والقوة الإيمانية وغيرها من هذه الأمور.
استقامة القلب
قال الله تعالى: (إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) سورة الشعراء الآية (٨٩).
في استقامة القلب استقامة الجسد والعقل، من استقام قلبه وعقله سلّم نفسه الى رب العالمين؛ فينال الأجر والثواب ورضى الله عز وجل.
قال الله تعالى: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) سورة القصص آية (١٠).
هنا بهذه الآية، وأصبح فؤاد أم موسى عليه السلام فارغاً، أي الإحساس والمشاعر توقفت عندها من خوفها على ابنها فربط الله على قلبها، واستمر القلب بالعمل ولم يتوقف.
وفي الختام نشكر الله عز وجل على نعمه التي أنعمها علينا، ونسأل الله الثبات للجميع.
والله اعلم وأحكم
ثامر 🌷🌷
اقراء/ئي ايضاً | اتّباع النور والقلب في “الإيمان”
اضغط هنا لمتابعة قناة الفلك والجفر مع ثامر عبر اليوتوب
المصدر: محبين الفلك والجفر مع ثامر
