ووهبنا له إسحاق ويعقوب

Jupiter
دقيقة للقراءة
لماذا يذكر في الآية اسم إسحاق ويعقوب ولم يذكر اسم إسماعيل؟

لماذا ذكر اسم إسحاق ويعقوب ولم يذكر إسماعيل في الآية (وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ)؟

ما معني الوهاب؟


أولا: المقدمة

سنستعرض لكم الآية (وهبنا له إسحاق ويعقوب) ونبين شرحها، ونوضح لكم الاستخلاص الفكري لاسم الله تعالى الوهاب.

كما سنبين أسباب عدم ذكر سيدنا إسماعيل عليه السلام في الآية (وهبنا له إسحاق ويعقوب)، وهو من أبناء سيدنا إبراهيم عليه السلام.   

ثانيًا: تخصيص كلمة وهبنا لإسحاق ويعقوب، (وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ)


قال الله تعالى في سورة مريم :

 1  وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا(41)

- Advertisement -

 2  إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا(42)

 3  يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا(43)

 4  يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا(44)

 5  يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا(45)

 6  قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا(46)

- Advertisement -

 7  قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا(47)

 8  وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا(48)

 9  فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا(49)

- Advertisement -

قال الله سبحانه وتعالى: (وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ).

لماذا قال الله سبحانه وتعالى وهبنا له إسحاق ويعقوب ولم يقل إسماعيل؟

على الرغم من أن أبناء إبراهيم هم إسحاق وإسماعيل ويعقوب من ذرية إسحاق.

إن الله سبحانه وتعالى قال وهبنا له إسحاق ويعقوب، ولكن لم يقل إسحاق وإسماعيل وهم أبناء إبراهيم.

وذلك يرجع لسببين وهما :

السبب الأول: إن السبب الأول يرجع إلى إسماعيل عليه السلام، وهو أن إسماعيل عليه السلام من نسل عربي.

السبب الثاني: وهذا السبب مرتبط بكلمة (وهبنا) في الآية الكريمة، حيث قال الله تعالى: (وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ).

لذلك علينا أن نعود لمعنى وهبنا المستمد من اسم الله وصفته الوهاب.

ووهبنا له إسحاق ويعقوب ولم يذكر إسماعيل رغم أنه من أبناء إبراهيم عليه السلام
ووهبنا له إسحاق ويعقوب ولم يذكر إسماعيل رغم أنه من أبناء إبراهيم عليه السلام

ثالثًا: وهبنا له إسحاق ويعقوب مستمد من اسم الله الوهاب


اسم الله الوهاب؛ ورد اسم الله الوهاب في بعض الآيات كما يلي:           

 قال الله تعالى: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين) سورة مريم آية (84)

كما قال الله تعالى: ( قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلمًا زكيًا) سورة مريم آية (19)

وقال الله تعالى: ( ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكمًا وجعلني من المرسلين) سورة الشعراء آية (21)

وقال الله تعالى: ( ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب) سورة ص آية (30)

 كما قوله تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) سورة ص آية (43)

ونجد قول الله تعالى في سورة مريم: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا) آية (53)

وأيضًا قال الله تعالى: (قال رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب) سورة ص آية (35)

من خلال الآيات السابقة وبعد تمحيص وتفسير القرآن بالقرآن نستطيع استخلاص أن:

         ” الوهاب هو إعطاء الشيء من لا شيء وتغلب عليه الاستحالة

رابعًا: سيدنا زكريا عليه السلام وابنه يحيى، (وهبنا له إسحاق ويعقوب)


قال الله تعالى: (فَٱسْتَجَبْنَا لَهُۥ وَوَهَبْنَا لَهُۥ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُۥ زَوْجَهُۥٓ ۚ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ) سورة الأنبياء آية (90)

نلاحظ هنا (وهبنا له يحيى) و(أصلحنا له زوجه)، إن الله سبحانه وتعالى أصلح زوجة زكريا؛ وبالتالي وهب الله عزَّ وجلَّ سيدنا زكريا ابنه يحيى.

كما قال الله تعالى: (قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى غُلَٰمٌ وَقَدْ بَلَغَنِىَ ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِى عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ) سورة آل عمران آية (40)

وهنا نجد في الآية الكريمة أن (امرأته عاقر)، ومن خلال ذلك يتوضح لنا أن الله سبحانه وتعالى أصلح امرأة زكريا التي كانت عاقرًا، ثم وهب له يحيى.

وهكذا وهب الله جلَّ جلاله لزكريا ابنه، وكان أمر الإنجاب يغلب عليه الاستحالة لكون امرأته عاقرًا.

سيدنا زكريا عليه السلام دعا ربه فوهب له يحيى
سيدنا زكريا عليه السلام دعا ربه فوهب له يحيى

خامسًا: سيدنا عيسى وداوود وسليمان عليهم السلام، (وهبنا له إسحاق ويعقوب)


 قال الله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) سورة مريم آية (19)

كما قال الله سبحانه: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ) سورة ص آية (30)

(لأهب لك غلاما) (ووهبنا لداوود سليمان) عملية الإنجاب هنا تدل على عدم الإمكانية، وذلك باستخدام اسم الوهاب.

 لكن عيسى عليه السلام أتى دون جينات، وهذا الفرق بين عيسى وبين يحيى وسليمان، فيحيى وسليمان انتقلوا كجينات بالشكل الطبيعي.

كما يغلب الظن أن هناك طرق انتقال جينية استخدمت غير الطريقة الطبيعية للحمل أنداك، وهذا ليس تفسير وإنما هو مجرد وجهة نظر.

سادسًا: الاستخلاص الفكري لاسم الوهاب في الآية (وهبنا له إسحاق ويعقوب)


جاء في سورة مريم آية (49)؛ أن الله عزَّ وجلَّ ذكر في الآية وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا.

والمقصد هنا أن استخدام اسم الوهاب بالإنجاب، دليل وجود خلل في عملية الإنجاب.

كما أننا نستطيع أن نستخلص معنى اسم الوهاب بالمطلق، وحصر عمليات الانجاب للبعض منهم باستخدام اسم الوهاب.

وعلاوة على ذلك هناك استخدامات أخرى للوهاب، كما ورد في سورة مريم الآية (53)، عندما وهب له أخاه هارون نبي .

سابعًا: سلاله أكثر طهرًا والأنبياء فضلنا بعضهم على بعض


قا الله تعالى: (تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَٰتٍۢ ۚ وَءَاتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدْنَٰهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِنۢ بَعْدِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) سورة البقرة آية (253)

وللإجابة على التساؤل …

 لماذا لم يذكر الله عزَّ وجلَّ إٍسماعيل مع إسحاق ويعقوب في الآية ( وهبنا له إسحاق ويعقوب) ؟

ولتوضيح ذلك لنرجع لسلالة إسماعيل، ونعرف سبب التفرقة، مثل بني إسرائيل وبني آدم، كلًا له ميزان البشر بشكل عام.

ونعني هنا كلمة بشر المحتوى المادي والخارجي، كما هنالك كلمة التبشير الأخيار وأيضًا بشرى سارة، ومنها أيضًا بشرة الإنسان خَلقٌ موصوف مادي متكامل.

ثامنًا: سورة مريم وتمثل الملائكة لها


كما قال الله تعالى: (فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) سورة مريم آية (17).

(تمثل لها بشرًا سويًا) أي تمثل لها مخلوق جميل فيه خير للأمة، كما قال الله تعالى في سورة الناس (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3)) الإنس والأونسة.

علاوة على ذلك إن العلاقات الاجتماعية كعلاقات المتزوجين وعلاقات الأصدقاء، تكون ضد الانعزال والخوف، حيث يأنس الإنسان ويتأنس بالأمان بمن حوله من البشر.

كما إن الوقت السعيد يحكمه بين البشر إنسان، فالإنسان عليه مسؤولية بسيطة من الواجبات المتعلقة به وبغيره، والأناسة شرح بسيط مثل الجن والشيطان

قال الله تعالى: (بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًا) سورة الجن آية (1)

(استمع نفرا من الجن قرآنا عجبا)، ذكر في الآية الكريمة ليس نفر من الشياطين، فالشيطان كافر بالمطلق، الشيطان أو الشياطين كُفرٌ بالمطلق.

فيخرج منهم الجن المؤمن ويقول سمعنا قرآن وآمنا به.

وهذا الشرح يعتبر وجهة نظر واستخلاص فكري وليس تفسير معتمد.

تاسعًا: الخلاصة (وهبنا له إسحاق ويعقوب)


الآية الكريمة (وهبنا له إسحاق ويعقوب) سنجد أن عدم ذكر إسماعيل فيها يرجع الأمر إلى سببين.

وهنا نستخلص أن:

السبب الأول

وهو عبارة عن خلاف الأمة في هذا الوقت، من أبناء إسحاق وأبناء إسماعيل ذو الأصول العربية.

السبب الثاني يعود للهبة من الله وصفة الوهاب.

– حيث إن الوهاب يعني إعطاء الشيء من ألا شيء.

– بالإضافة إلي إن إسحاق عليه السلام وُهِبَ لسيدنا إبراهيم عليه السلام بسبب عطل إنجاب.

 كما للتأكد من ذلك عليك مراجعة سورة الذاريات قال الله تعالى:

1  فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (28)

2  فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29)

– إن إسماعيل عليه السلام ونسله حمل وولادة بالشكل طبيعي بإذن الله تعالى، ولكن إسحاق هبه كما ورد في الآية (عجوز عقيم)، ونتيجة الإعجاز الرباني فصل بينهما.

الإعجاز الرباني  المتمثل بالهبة بعد عطل بالإنجاب وهذا ما حدث مع السيدة سارة زوجة نبينا إبراهيم عليه السلام
الإعجاز الرباني المتمثل بالهبة بعد عطل بالإنجاب وهذا ما حدث مع السيدة سارة زوجة نبينا إبراهيم عليه السلام

كما نستخلص أن السبب الأول اجتماعي، أما السبب الثاني اعجازي ولغوي ورباني قدَري.

بالإضافة إلى أن كلمة وهب إسحاق جمعت هذه الاعجازات كلها.

الله أعلم وأحكم

ثامر 🌷🌷

المصدر: محبين الجفر والفلك مع ثامر

مشاركة