اتباع النور والقلب في “الإيمان “…

the sun
دقيقة للقراءة

لابد وأنه مر على مسامعك عزيزي القارئ، مقولة “القلب دليل المؤمن” أو ” قلب المؤمن دليله”، وعلى نفس السياق، نسقطها باتباع النور والقلب في الإيمان

ولكن ! كيف يكون القَلب هو الدليل ؟، ودليله على ماذا؟ وما علاقة القَلب في الإيمان؟ (إيمانك بخالقك -جل وعلا-، ورسله وكتبه) وهل هو المسؤول عن الإيمان؟ ومن هم الذين لا يؤمنون؟

جميع هذه التساؤلات، نجيب عليها من وجهة نظرنا، ومن خلال أبحاثنا في آيات الفرقان في المقال التالي

أولاً : ” قلب المؤمن دليله “ :

عندما تقرأ آيات كتاب الله -تعالى- وتسمعها، وتؤمن بها، فينشرح صدرك لها ويطمئن 

- Advertisement -

وعليه، تسمع صوتاً داخلياً، يقول لك إن هذا هو طريق الحق، وكلام الحق.

إن هذا الصوت ليس صوت الأذن (حاسة السمع)، بل هو صوت القَلب، الذي صدق آيات الله -عز وجل- وآمن بها، واتبع رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- (سمعنا وأطعنا).

ونتيجة ذلك، عندما تسلم لقلبك هذا الإيمان، يأتيك نور الله تعالى، ويزرع في فؤادك (الفؤاد = القَلب: إشارة إلى الداخل الجوفي للإنسان)،

وبالتالي، ترى الحق وتتبعه، وترى الباطل و تتجنبه. وعليه يرشدك قلبك للصواب “قلب المؤمن دليله”، للحق.

ثانياً : عن أي قلب تحدث الله عز وجل؟ :

قال تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا). الحج، الآية (46).

- Advertisement -

إذاً هل القلب يعقل، بمعنى آخر (له عقل)؟

بدايةً، إن القلب بالمعنى العلمي له، هو عبارة عن عضو(عضلة) لضخ الدم، لكن مع اكتشافات العلم الحديث

وبعد مرض القَلب العضوي وتبديله بعملية زراعة القَلب، لوحظت تغييرات في أفكار وسلوك الأشخاص الذين تمت زراعة القَلب لهم.

- Advertisement -

وبعد دراسة هذه الحالات، تم اكتشاف ما ذكره الله -تعالى-، في محكم آياته، أن للقلب وظيفة غير وظيفة ضخ الدم للجسم، أي غير الوظائف العضوية

بمعنى آخر، تم اكتشاف أن لكلّ خلية من خلايا القَلب ذاكرة، وقد تكون هذه الخلايا هي التي توجه الدماغ، بناءً على العديد من الدراسات والأبحاث

وهذا هو القَلب، الذي تحدث عنه الله -عز وجل-، في كتابه الكريم.

سورة الأنفال آية ٢

ثالثاً : “إلا من أتى الله بقلبٍ سليم” :

بدايةً نأخذ الآيات القرآنية التي جاء بها ذكر القلب المؤمن، قال تعالى:

  • (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). الأنفال، الآية (2).
  • (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ). الرعد، الآية (28).
  • (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). الشعراء، الآية (89).

من سياق الآيات الكريمة السابقة، نفهم أن القلب هو الذي يتأثر بآيات الله -عز وجل-، وبالتالي يؤثر على دماغ وسلوك الشخص .

وعليه يطمئن القلب ويلين، ويزداد إيماناً وقوة، فيطهر هذا القَلب، ويصبح خالياً سليماً من الأمراض المعنوية (الحقد والحسد والغل والكبر والنفاق).

رابعاً : “في قلوبهم مرض” :

أما مما جاء في ذكر القَلب الغير مؤمن في القرآن الكريم، قوله تعالى :

  • (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ). البقرة، الآية (10).
  • (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ). البقرة، الآية (7).
  • (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً). البقرة، الآية (74).
  • (وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ). البقرة، الآية (88).

في الآيات السابقة، نشاهد أن الله تعالى، ذكر أن هناك من تكون قلوبهم قاسيةً بقسوة الحجارة، بل وأشد قسوة من ذلك.

وعلى نفس السياق، منهم من أصبح في قلبه مرض (المرض المعنوي)، ويزيدهم الله -تعالى- بالمرض، أليست الحسنة بعشرة أضعافها، والله يضاعف لمن يشاء؟

وكذلك، النفاق والكفر، يزيد الله تعالى فيه من يشاء. وبالتالي يمدهم في طغيانهم يعمهون.

وأيضاً هناك من ختم الله على قلبه، فأصبح في غفلة، وعلى قلبه غشاوة.

لكن، من هؤلاء ؟ ولماذا حال قلبهم إلى هذا الحال؟

سورة الأنفال آية ٢٤

خامساً : “سمعنا واطعنا” :

قال تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). الأنفال، الآية (24-25).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ). الأنفال، الآية (20).

(وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ). الأنفال، الآية (23).

تستشف من خلال الآيات الكريمة السابقة، أن الله -تعالى-، يحذر المؤمنين نفسَه، وقد حذرهم كثيراً (لا تقولوا سمعنا وعصينا مثل بني إسرائيل)

والذي جاء ذكرهم في سورة البقرة، آية ٩٣ :

(( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ۖ قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ۚ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ))

تجد هنا إن الحذر للمؤمنين، وذلك، لأن الله تعالى نعتهم بالمؤمنين، أن لا تكونوا كبني إسرائيل، فأنتم تسمعون، السمع الحسي والسمع الإيماني، ولا تتولوا عما يضعف إيمانكم،

بالتالي، وبعد تحذير الله -تعالى- لهم، يأتي الأمر الحق.

للتوضيح أكثر.. 

سادساً : سبب مرض وختم القلب من الله تعالى :

انظر للآيات التالية في سورة البقرة، حيث قال تعالى :

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ( 10))

مما ورد في الآيات الكريمة السابقة، يتضح أن السبب في ما حال بقِلوب الناس، هو النفاق والرياء والتهكم على الدين والإيمان.( يقولون آمنا وما هم بمؤمنين )

بالتالي، يقول الله تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، إنك مهما أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون .

( إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) البقرة آية 6

وذلك، لأن قِلوبهم غلف، وعليها غشاوة عن الإيمان، لما تحمله هذه القُلوب من مرض الكفر والنفاق والكذب والرياء، الذي سكن أفئدتهم.

ولذلك، فلا مكان للإصلاح والتوبة.

لماذا؟

لأن الله تعالى، وقف ( حال ) بينهم وبين قِلوبهم

كما في قوله -عز وجل- : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ). الأنفال، الآية (24). 

الختام:

قبل كل شيء، اتبع صوت قلبك، و أطع الله -عز وجل-، ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-

وما أنزله في كتابه، ولا تكن من الضالين (الذين ختم على قلوبهم، وفيها مرض وغشاوة).

” فمن ضلّ قلبُه ضلّ فؤاده، وضلّت حواسه جميعها “، انظر مقال/ تنظيف الفؤاد

الله تعالى أعلم وأحكم.

ثامر

المصدر: محبين الفلك والجفر مع ثامر.

انظر مقال / هل كُلّ مَن يرى يُبصر؟ ومَن يسمع يُطيع؟ وما البصيرة؟

مشاركة