استعدوا، الأرض تتجه نحو الانقلاب المغناطيسي للأقطاب
فما تأثير ذلك على الطقس و المناخ؟
أولًا: المقدمة
أطل علينا المركز العربي للمناخ بدراسة جديدة حول انقلاب أقطاب الأرض. وتناول من خلالها العواقب التي قد تتولد على أثر هذا الانقلاب.
ومدى تأثيره على الطقس والمناخ.
كما أوضح في دراسته بعض الظواهر الكونية ذات العلاقة بانقلاب أقطاب الأرض، ولنستعرض لكم ما جاء فيها…
ثانيًا: المقال
خلال ال 200 عاماً الماضية، كان هنالك شيء غريب يحدث في المجال المغناطيسي للأرض.
بحيث أنه كان يضعف ببطئ ويزيح القطب الشمالي المغناطيسي من موقعه في القطب الشمالي الكندي صوب سيبيريا.
وفي العقود الأخيرة، تسارع هذا التحول البطيء بشكل أكبر بحيث أنه قد وصل إلى سرعات تزيد عن 55 كيلومترًا في السنة الواحدة.
وانخفضت قوة المجال المغناطيسي للأرض بنحو 15% عن المعدل العام.
قد تكون هذه علامة على أننا على وشك تجربة شيء لم يسبق للبشر رؤيته من قبل وهو (انقلاب قطبي مغناطيسي). وعندما يحدث هذا، يمكن أن تكون تأثيراته أكبر بكثير من مجرد انحراف مؤشر البوصلة من الشمال إلى الجنوب !
فهل يمكن أن نكون على مقربة من انعكاس مغناطيسي أرضي، بحيث يتبادل القطب الشمالي والجنوبي المغناطيسي أماكنهما ؟
يتولد المجال المغناطيسي للأرض عن طريق الحمل الحراري للحديد المنصهر في باطن الكوكب، على عمق حوالي 2900 كم تحت أقدامنا. يُنتج هذا السائل شديد الحرارة تيارات كهربائية تُولد بدورها مجالات كهرومغناطيسية.
وفي حين أن العمليات التي تؤدي عكس الاقطاب مازالت مجهولة، تظهر المحاكاة الحاسوبية لديناميكيات الكواكب أن الانعكاسات في الأقطاب تنشأ بشكل تلقائي. و يتم دعم هذه النظرية من خلال رصد المجال المغناطيسي للشمس، والذي ينعكس كل (11) عامًا تقريبًا بصورة تلقائية.
ظهر المجال المغناطيسي للأرض قبل 4 مليارات سنة تقريبا، وعُكست الأقطاب المغناطيسية للأرض عدة مرات منذ ذلك ألحين. وعلى مدى 2.6 مليون سنة الماضية وحدها، انقلب المجال المغناطيسي للأرض عشر مرات.
ولأن آخر الانقلابات حدثت قبل 780 ألف سنة، يعتقد بعض العلماء أننا تأخرنا عن موعد الانقلاب الجديد للأقطاب. بينما يؤكد علماء آخرون أن انقلاب أقطاب الأرض قد بدأ بالحدوث. خصوصًا مع ظهور مؤشرات خلال السنوات الماضية تؤكد انحراف الأقطاب المغناطيسية وضعف المجال المغناطيسي للكوكب .
وقبل معرفة العواقب التي قد تتولد على أثر انقلاب اقطاب الأرض , دعونا نتعرف على الأشعة الكونية :
الأشعة الكونية : عبارة عن جسيمات تحت ذرية ذات طاقة عالية، تتكون بمعظمها من بروتونات وأنوية ذرية مصحوبة بانبعاثات كهرومغناطيسية تتحرك عبر الفضاء. وفي النهاية تقصف سطح الأرض؛ وسرعتها تقارب سرعة الضوء تقريبًا، إذ تبلغ حوالي 300.000 كيلومتر في الثانية. وعند انخفاض المجال المغناطيسي للأرض والذي يعمل كدرع واقي يحمي الكوكب من هذه الاشعة الكونية والرياح الشمسية والأشعة الفوق بنفسجية التي ترسلها الشمس. تتدفق جسيمات الأشعة الكونية بشكل أكبر داخل الغلاف الجوي للأرض . بحيث أنها تؤثر على الأقمار الصناعية والكهرباء والاتصالات. وتؤثر على الكائنات الحية وتتسبب بالسرطان وتدمير الخلايا الحية، كما أنها تزيد من الغطاء السحابي وتكاثف الغيوم في الغلاف الجوي. مما يؤدي إلى انخفاض حرارة الأرض استناداً إلى دراسة بحثية قدمها باحثون من جامعة كوبي في اليابان عن آثار آخر انقلاب مغناطيسي أرضي منذ 780 ألف عام.
ارتحال الأقطاب المغناطيسية القصير:
هنالك ما يعرف بارتحال الأقطاب المغناطيسية قصير الأمد. وهي فترة تنقلب فيها الأقطاب المغناطيسية بشكل مؤقت أو تنحرف عن موقعها المعتاد. ثم تعود إلى طبيعتها بعد مضي فترة من الزمن، أو يلحقها انقلاب للأقطاب المغناطيسية بالكامل. في الآونة الأخيرة، بدأت وسائل الإعلام الرسمية حول العالم بالإشارة إلى التهديد “الكارثي”. الذي قد ينتج عن انخفاض النشاط الشمسي تزامناً مع ضعف المجال المغناطيسي الحالي للأرض. أفادت صحيفة الجارديان نقلاً عن ورقة بحثية نُشرت في مجلة Science. أن الأنقلاب في الأقطاب المغناطيسية جنبًا إلى جنب مع انخفاض النشاط الشمسي قبل 42000 عام. كان من الممكن أن يؤدي الى بيئة مروعة تؤدي إلى انقراض الحيوانات الضخمة.
الورقة الجديدة، التي تحمل عنوان “أزمة بيئية عالمية”، تناقش الانقلاب المؤقت للقطبين الذي حدث قبل 42000 سنة تقريباً، وهو حدث يُعرف برحلة لاشامب Laschamp، والتي استمرت لنحو 1000 عام.
يتابع مقال الجارديان:
وجدت الأوراق البحثية السابقة أدلة قليلة على أن حدث لاشامب كان له تأثير كبير على الكوكب، ربما لأن التركيز لم يكن على الفترة التي كان خلالها القطبان ينقلبان بالفعل. الآن يقول العلماء إن الانقلاب، إلى جانب فترة من النشاط الشمسي المنخفض، يمكن أن يكون وراء مجموعة واسعة من الظواهر المناخية والبيئية ذات التداعيات الدراماتيكية.
كان ارتحال لاشامب مجرد ظاهرة من ارتحالات عديدة في الأزمنة “الأخيرة”، حيث يبدو أن هذه الرحلات المغناطيسية (وليس الانعكاسات الكاملة) تحدث كل 12000 عام تقريبًا:
كل 12000 عام تقريباً، يعاني كوكبنا من رحلة مغناطيسية “تتجول” خلالها أقطابه المغناطيسية الشمالية والجنوبية لتتمركز في أماكن مختلفة. تؤدي هذه العملية إلى اضعاف الغلاف المغناطيسي للأرض (مجاله المغناطيسي). والذي بدوره يساهم في نشوء الأحداث المناخية الخطيرة والتسبب بانقراض للكائنات الحية بمستويات متوسطة القوة.
إن الدمار الذي خلفته هذه الأحداث “كارثي”، تؤدي هذه الأحداث المروعة إلى أكثر من مجرد “تغيرات مناخية” أو نشوء طقس متطرف. لأنها تسبب بقصف الغلاف الجوي السفلي بالطاقة الكونية. بينما يضعف درعنا “الغلاف المغناطيسي الأرضي” في مواجهة تأثيرات الشمس. مما يؤدي إلى تعريض جميع الكائنات الحية لمستويات خطيرة من الإشعاع. بالإضافة إلى أن الأشعة الكونية تخترق الأرض لتتسبب بتنشيط الصهارة في باطن الأرض. مما يؤثر على لزوجة السيليكا وزيادة معدلات الزلازل والثورانات البركانية التي تبرد الأرض .
لقد رصدنا ضعف المجال المغناطيسي للأرض بشكل متسارع خلال السنوات الماضية، وهذا مؤشر رئيسي على أن القطبين جاهزان “للانقلاب” أي يصبح الشمال جنوب والجنوب شمال.
الشذوذ المغناطيسي في جنوب المحيط الأطلسي
في منتصف القرن التاسع عشر، بعد آلاف السنين من الاستقرار، بدأت قوة مجالنا المغناطيسي في التراجع، وما زال يعضف حتى هذه اللحظة ووصل مقدار الانخفاض إلى 15 ٪ واكتشفت “تحولات كبيرة” في منطقة جنوب المحيط الأطلسي الشاذة (SAA).
منطقة جنوب المحيط الأطلسي الآن هي المنطقة التي يقترب فيها حزام Van Allen الإشعاعي الداخلي للأرض من السطح. وهذا يؤدي إلى زيادة تدفق الجسيمات النشطة في هذه المنطقة مما يعرضها لمستويات أعلى من المعتاد من الإشعاع ، تعتبر هذه المنطقة خطيرة للغاية على الأقمار الصناعية، فعند مرورها من فوقها تتعطل الاتصالات في هذه الأقمار نتيجة الشذوذ المغناطيسي الكبير الذي يحدث هناك.
ما هو تأثير انقلاب أقطاب الأرض المغناطيسية على الطقس والمناخ؟
تكون التأثيرات عديدة وشاملة على الطقس والمناخ والبيئة الحيوية أثناء وبعد انقلاب الاقطاب المغناطيسية، فعلى مستوى الكائنات الحية سيؤدي انقلاب الأقطاب إلى حدوث ارباك كبير لهجرات الحيوانات والطيور على اليابسة وفي البيئة البحرية، لأنها تعتمد على الأقطاب المغناطيسية في تحديد وجهتها أثناء الهجرات، وهذا سيؤدي إلى كارثة حقيقية وانقراض جماعي لبعض أنواع الكائنات الحية.
أما على مستوى الطقس والمناخ, فاستناداً إلى دراسات سابقة تم من خلالها استخدام نظائر الكربون كدليل على التأثيرات المناخية، تبين أن الأرض دخلت في حقبات باردة وقوية،وصلت إلى حد انخفاض حرارة الكوكب لأكثر من 3 درجات مئوية، بالإضافة إلى زيادة ملحوظة على نشاط البراكين التي ساهمت أيضاً في انخفاض حرارة الكوكب بشكل أكبر، كما إن زيادة الغطاء السحابي الذي نتج عن انخفاض المجال المغناطيسي للأرض بسبب زيادة تدفق الأشعة الكونية ساهم بشكل كبير في تفاقم التبريد في الغلاف الجوي.
فهل ما نلاحظه حالياً من نشاط في قوة البراكين ومن زيادة قوة الهطولات المطرية كالتي حدثت في باكستان هي نتيجة لارتحال الأقطاب؟
والله تعالى دائماً أعلى و أعلم