مباركة المسجد الأقصى
هل لمباركة المسجد الأقصى علاقة في مسألة إسراء ومعراج سيدنا محمد-صل الله عليه وآله وسلم-؟
وما المقصود بالمباركة ؟ كما جاء في قوله تعالى في سورة الإسراء آية (١)، أم المقصود بالبركة هو المسجد الحرام ؟
تساؤلات نجيب عليها من وجهة نظرنا الخاصة، ومن خلال دراساتنا في آيات القرآن الكريم، نطرحها في المقال التالي
أولاً : هل المباركة للمسجد الأقصى أم المسجد الحرام ؟
بدايةً، نذكر ما جاء في قوله تعالى في سورة الاسراء :
بسم الله الرحمن الرحيم
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
سورة الاسراء آية (١)
ومن الآية الكريمة السابقة تجد أن المباركة تعود للمسجد الأقصى، وذلك في قوله تعالى : { الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }
نشرحها للتوضيح أكثر،
أولاً : ذكر في الآية الكريمة قول ( باركنا حوله )، وليس حولهما، بمعنى المباركة اختصت لمنطقة واحدة وليس منطقتين
ثانياً : ( الذي ) عند الرجوع للغة العربية، (الذي) اسم موصول يعود لما قبله، وقبل (الذي) هو المسجد الأقصى
وعليه، إذن بارك الله -جلّ وعلا-، حول المسجد الأقصى، بمعنى آخر حدد الله سبحانه المنطقة التي باركها تحديداً
ولكن ! لماذا ؟
حتى نجيب على هذا السؤال لابد أن نعرف ما معنى المباركة، أو البركة أولاً .
ثانياً : معنى المباركة ( البركة )
المباركة أو البركة في اللغة العربية تعني : النماء والزيادة، وبمعنى آخر، تعني المد الإلهي لمسألة صغيرة ويجعل فيها خيراً كثيراً
وعندما نسقط معنى كلمة البركة على شيء، كالمكان أو الزمان، فإنه يعطيك نفس المعنى ( أي شيء فترته الصغيرة تكون معطياته كبيرة، والعكس صحيح، أي شيء معطياته كبيرة بفترة صغيرة )
وفي الآية الكريمة السابقة من سورة الاسراء (١)، ذكر الله -جلّ وعلا-، أنه بارك حول المسجد الأقصى، وجاء ذكر مباركة ما حول المسجد الأقصى مرتبطاً بذكر حادثة اسراء ومعراج الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام وآله-، للملكوت الأعلى
وعليه، تستشف أن هناك علاقة وسبب لمد البركة الإلهية حول المسجد الأقصى بحادثة الاسراء والمعراج، نوضحها فيما يلي
ثالثاً : اختلاف الزمان
في حادثة الاسراء والمعراج، لدينا اسراء الرسول الكريم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليلاً، ومعراجه -عليه أفضل الصلاة والسلام وآله- من المسجد الأقصى للملكوت الأعلى
والزمان في الملكوت الأعلى يختلف عن الزمان على الأرض، حيث أن اليوم في الملكوت الأعلى عن ألف عام مما نعد، كما جاء في قوله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) سورة السجدة (٥)
( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) سورة الحج ( ٤٧ )
وهنا نقف قليلاً لنذكر ونشرح وجهة نظرنا الخاصة في ما يخص قانون السرعة . كما وقد شرحنا في مقالٍ سابق كيفية استخراج سرعة الضوء من القرآن الكريم
نقول أنه لابد من الأخذ بعين الاعتبار مسألة الحجم في التأثير على الزمن، حيث أن قانون السرعة ينص على أن السرعة = المسافة / الزمن
إذاً الزمن = السرعة x المسافة، ولكن إن ادخلنا الحجم على قانون قياس السرعة سوف تختلف المعادلة ويختلف حساب الزمن لما للحجم تأثير على قياس الزمن والمسافة نسبةً للحجم
على سبيل المثال ؛ لو وضعت حشرة صغيرة الحجم كالنملة، وجعلتها تسير في خط مستقيم بمسافة معينة ( نقطة انطلاق ونقطة نهاية )، وبنفس الوقت وضعت بجانبها حيوان آخر يختلف عنها في الحجم كالكلب مثلاً، وجعلتهم ينطلقون بذات الوقت لقطع نفس المسافة، فمن الذي سوف يصل أولاً ؟ من البديهي وعلى حسب المعطيات السابقة أن الكلب سوف يصل أولاً
كذلك، وكما ذُكر في الأثر الإسلامي، بأن سيدنا جبريل -عليه السلام-، عندما تشكل بشكله الحقيقي للرسول -عليه الصلاة والسلام وآله-، وفرد جناحه فقط غطى السماء كاملة، دليل على حجمه الكبير والذي من المفترض أن يكون بهذا الحجم الكبير، بسبب المسافة الكبيرة ما بين العرش وما أسفل العرش إلى الارض. لذلك لابد بالأصل أن يكون كبير جداً حتى يستطيع أن يوصل بالسرعة هذه ما بين الأرض وما بين السماء.
وعليه، فإن هناك عملية حجم كبير وسرعة عالية. ولهذا الحجم تأثير بقياس الزمن. نشرحها أكثر في فقرة ( خامساً ) من المقال
رابعاً : مباركة المسجد الأقصى وعلاقتها في رحلة المعراج
إذن على ما تم ذكره في الفقرة السابقة، هل الرسول -صل الله عليه وآله وسلم-، أسرى وأعرج في سرعته ؟ أي سرعة البشر على الأرض. أم في سرعة الملكوت الأعلى ؟
لأنه -عليه أفضل الصلاة والسلام وآله-، عندما عاد قال : كان فراشي دافئ. بمعنى أن المسألة لم تتجاوز كلها عند سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام وآله-، بضع ثواني خرج فيها وظهر ورأى الملكوت الأعلى، ورأى من يعذب بالنار وسمع خشخشة بعض الصحابة في الجنة، ورأى أهل النار ووصل إلى سدرة المنتهى ونزل .
وعليه، إذاً لابد أن يكون هناك تبريك لهذا الزمان والمكان حتى تتم رحلة الاسراء والمعراج ( مباركة المسجد الأقصى المكان الذي عرج فيه الرسول للملكوت الأعلى )،و يستطيع أن يذهب ويصل لسدرة المنتهى ويعود في نفس الليلة ( مباركة الزمان ).
خامساً : الحجم وتأثيرة في قانون السرعة
كما ذكرنا سابقاً، أن السرعة = المسافة / الزمن، ولكن ! هل انتبه أحد على مقدار حجم الشيء المطبق عليه السرعة ؟
فيومك ليس كيوم الملائكة، ويوم الملائكة ليس كيوم حملة العرش، ويوم حملة العرش ليس كيوم الخالق -عزّ وجلّ-، ويوم البعوضه أو الذبابة ليس كيوم الإنسان، مقدار الحجم يختلف
عندما كان آدم -عليه السلام-، عملاق كان يسجد بستين عام وكأنها دقائق بالنسبة لنا، وذلك بسبب أثر الحجم
حياة الذبابة لا تقتصر بضعة أيام، يومها يُعد عن عشرات السنين من يومك، بالرغم من ثبات التعداد الوقتي للدقيقة (ستون ثانية)، ومسافة الذبابة عندما تقف وأردت أن تضربها بيدك، تكون المسافة بين اليد وبين الذبابة بنظر الذبابة بعيد جداً وتكاد أن تلمسها، حيث تعتبر بالنسبة لها كيلوات من الأمتار، إذاً الحجم له دور كبير في حساب السرعة
فإن كان مقدار السرعة محسوب، فإن التأثير النسبي يسقطه الحجم
فقانون السرعة مثبت لبني البشر بالحجم المثالي، لكن لا يكون تأثيره واحد على كل الحجوم، جبريل -عليه السلام-، غطى جناحه السماء كاملة
حجمه أثر في سرعة انتقاله، فالحجم قاعدة ثابتة إن أردت إدخالها بقوانين السرعة تخرج لك أرقام جديدة بقوانين جديدة
وإن فهمتها تجد إجابة أن الله سبحانه وتعالى يكون بالسماء الأولى لحظة الفجر، وتقول بينك وبين نفسك في كل لحظة يوجد فجر على الأرض
فمتى يجلس الله على عرشه ؟
هنا تكمن السرعة الحجمية التي لا يعلمها سوى الله تعالى، والقليل من بني الخلق، لا مستحيل بعلم الله.
سادساً : الخاتمة
كما أسلفنا في مقالاتٍ سابقة، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء، يؤتي الحكمة لمن يشاء، ويفهم من يشاء ففهمناها سليمان، يسقي من يشاء العلم والحكمة، ولا تمشي بالأرض مرحاً
فهو الذي يلهمك العلم ويسقيه لعقلك، وكلما رفع من علمك جلدك بالتواضع والصمت أكثر
وخلق لك السراب حكمة، لا تصدق كل ما ترى ولا تأخذ على شاكلة الأمور، فسحرة موسى سحروا أعين الناس وجعل كيدهم الأسفلين
نعلمكم عدد السنين، أهمية العلم، وعدد السنين والحساب بالمطلق ليس سنواتنا، فقبل السنوات كلها تفكر بالسنوات الضوئية وما أعلى منها، أنظر سورة النجم ما زاغ البصر
شاهد بفرق السرعة، كل شيء الماضي الحاضر المستقبل حتى جنته وناره وأهلها، فرق سرعات ليس إلا
وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد، السائق هو نفس سرعة البراق لا يوجد اختلاف، سوف يسوق البشر ليطلعهم عند الله تعالى ويدلهم على الطريق
هل ستطلع بسرعتك ؟ لا. وهل محمد -صل الله عليه وآله وسلم-، طلع بسرعته؟ لا
وتبقى معجزة الرسول أنه عرج جسد أو نفس. لأن السائق والشهيد نفس
أما الرسول ليس مستبعد أن كرمه الله سبحانه، بجسد ونفس
والله تعالى أحكم وأعلم
ثامر 🌷🌷