قبل الإجابة على هذا السؤال، لنجب بداية على سؤال المكان؛ أين عاتب الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي أي موضع ؟
ومن خلال دراستنا للفرقان، نجيب في المقال التالي، من وجهة نظرنا، عن سبب هذا العتاب وأين كان .
أولاً :
أين كان عتاب الله عز وجل للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟ :
كان عتاب الله تعالى لرسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام وآله في القرآن الكريم بسورة عبس :
بسم الله الرحمن الرحيم
(عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ (1) أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ (2) وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ (3) أَوۡ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكۡرَىٰٓ (4) أَمَّا مَنِ ٱسۡتَغۡنَىٰ (5) فَأَنتَ لَهُۥ تَصَدَّىٰ (6) وَمَا عَلَيۡكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ (7) وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسۡعَىٰ (8) وَهُوَ يَخۡشَىٰ (9) فَأَنتَ عَنۡهُ تَلَهَّىٰ (10) كَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ (11) فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ (12) فِي صُحُفٖ مُّكَرَّمَةٖ (13) مَّرۡفُوعَةٖ مُّطَهَّرَةِۭ (14) بِأَيۡدِي سَفَرَةٖ (15) كِرَامِۭ بَرَرَةٖ (16) قُتِلَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَآ أَكۡفَرَهُۥ (17) مِنۡ أَيِّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥ (18) مِن نُّطۡفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ (19) ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُۥ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ (21) ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُۥ (22) كَلَّا لَمَّا يَقۡضِ مَآ أَمَرَهُۥ (23) فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ (24) أَنَّا صَبَبۡنَا ٱلۡمَآءَ صَبّٗا (25) ثُمَّ شَقَقۡنَا ٱلۡأَرۡضَ شَقّٗا (26) فَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا حَبّٗا (27) وَعِنَبٗا وَقَضۡبٗا(28) وَزَيۡتُونٗا وَنَخۡلٗا (29) وَحَدَآئِقَ غُلۡبٗا (30) وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا (31) مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ (32))
وبما أن عتاب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم جاء في سورة قرآنية هذا يعني أن هذا العتاب سُجّل إلى يوم الدين
ولكن لماذا ؟
ثانياً :
ماذا جاء في عتاب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ :
مما ورد في الآيات السابقة من سورة عبس ، فإن الله عاتب النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وآله على عبوسه في وجه الرجل الأعمى في حادثة اجتماعية دينية يتوارثها المسلمين عن طريقة التعامل بين أفراد مجتمعهم وجمع الصدقات والدعوة إلى الله .
وعلى ما ورد في كتاب الله عز وجل في سورة الحشر آية ٧
(( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) ( فعل أمر يفيد الوجوب )
لذا كان لابد من التعديل المباشر للسلوك الذي ورد من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
كيف ؟ ولماذا ؟
للتوضيح أكثر لنشرح ما ورد في آية ٧ من سورة الحشر
ثالثاً :
لماذا عاتب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في سورة من القرآن الكريم ؟ :
ما جاء في سورة الحشر إن الله تعالى أمرنا باتباع رسوله عليه افضل الصلاة والسلام وآله ولكن كان أمر الاتباع بالأوامر الدينية وليس الشخصية
على سبيل المثال :
كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يحب أن يأكل الكتف من الضأن ، نجد في مثال الطعام هنا أنه أمر شخصي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا يطلب من الجميع ان يحب كتف الضأن
لذلك عندما يقع الأمر في التعامل والتعليمات الدينية كان لابد من تعديل سلوك الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وآله مباشرةً من الله عز وجل ( فهو أمرنا باتباع رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ) (( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ))
وذلك بما ورد في سورة عبس من عتاب
رابعاً :
ماذا لو لم ينزل الله تعالى تعديل مباشر لسلوك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟
أولاً :
لو لم ينزل الله تعالى عتابه وتعديله لسلوك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة وجعله في سورة قرآنية موجودة ليوم الدين
نتيجة لذلك لأصبح جميع أصحاب مشاكل النظر مكروهين بسبب السير على النهج السنني للرسول صلى الله عليه وىله وسلم واتباع ما أتاهم به الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وآله ، ويعتبرونهم منبوذين
على سبيل المثال : سوف يراودهم قول ( إذا كان النبي محمد نفسه عبس بوجه الأعمى , فهم إذن فئة مُحقًرة
لذلك أنزل الله تعالى التصحيح مباشرة
ثانياً :
1 عَبَسَ وَتَوَلَّى
2 أَن جَاءَهُ الأَعْمَى
3 وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى
4 أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى
أن يا محمد ما أدراك ( وما يدريك ) أن هذا الأعمى قد يكون يتزكى
أي بمعنى أنت لا تعلم ما يفعله هذا الأعمى ( لعله يزكى )
هنا إشارة ( ما يدريك ) في الآية الكريمة إلى أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم الغيب إلا ما أخبره الله عز وجل عنه وما أراد الله تعالى أن يخبره عنه
وبهذا ننسف نظرية بعض الطوائف الدينية أن محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته يعلمون الغيب
وما يدريك إشارة حجب الغيب عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو سيد الخلق فما بالك عن باقي الخلق
في الختام
في رحاب دراستنا لسورة عبس هذا كان جوابنا من وجهة نظرنا على : لماذا عاتب الله تعالى رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في القرآن الكريم ؟ .
الله تعالى أعلم وأحكم
ثامر
المصدر : الفلك والجفر مع ثامر
قد يهمك أيضاً / اسم النبي محمد ووروده في الكتب السماوية ” القرآن الكريم – التوراة – الإنجيل “