ما انعكاس الأقطاب المغناطيسية لكوكب الأرض؟
وما مدى تأثيرها على كوكب الأرض؟
1- المقدمة
تناولت الأوساطُ العلمية أنباءً عن انقلاب الأقطاب وميلها، ولتوضيح ذلك؛ سنتطرق إلى المفهوم العلمي للأقطاب، والمجال المغناطيسي للأرض، وديناميكية عمله.
كما سنتعرف على مدى تأثيره على كوكب الأرض، وهل سيكون عرضة لعواصف الطاقة الشمسية الهائلة؟ وهل حدث انقلاب أقطاب في التاريخ السابق للأرض؟
2- مفهوم الأقطاب والمجال المغناطيسي للأرض
لنعرف ما يعنيه المجال المغناطيسي للأرض؛ علينا معرفةُ معنى المغناطيس، وهو عبارة عن خطوطٍ من القوة غير المرئية بين قطبيه.
أما المجال المغناطيسي للأرض؛ فتعريفُه أنّ الكرةَ الأرضيةَ عبارةٌ عن مغناطيسٍ كبيرٍ، ينبعث منه مجال مغناطيسي خاص به، غير مرئي بين قطبيه.
وكذلك الغلاف المغناطيسي، هو المجال المغناطيسي للأرض، الذي يحيط بكوكب الأرض كاملاً.
والقطب المغناطيسي الشمالي للأرض، يميل شمالاً بمقدار (10) أميال في السنة، وهذا ما تمّ رصده في أوائل القرن العشرين.
أما في الوقت الحالي، فهو يميل شمالاً بمقدار (40) ميلاً في السنة.
3- كيف تعمل ديناميكية المجال المغناطيسي للأرض؟
أكد العالم دينيس كينت؛ وهو باحث في علوم الأرض، أن المجال المغناطيسي للأرض، الذي يمثل حقلاً من الشحنات الكهربائية المحيطة بكوكبنا، ينشأ من خلال ما يطلق عليه تأثير الدينامو.
وهو يعني بذلك أن لبّ الأرض الداخلي الصلب، يدور بسرعة أقلّ من الطبقات العليا منه، ما يُولّدُ تأثيراً يشبه الدينامو.
بالإضافة إلى أن هناك فرقاً في درجة حرارة طبقات اللبّ الخارجي للأرض، وهو ليس صلْباً كاللبّ الداخلي.
بل منصهرٌ، مما يسمح بالانتقال لبعض المادة، من أسفل اللب الخارجي للأعلى، تماماً كغليان الماء.
حيث نجد أن جُزَيْئات الماء السفلى تتصاعد للأعلى، وهذا ما يجعل أجزاءً من اللبّ الخارجي للأرض، ترتفع للأعلى، ثم تبرد، فتنزل للأسفل.
ويَنتُجُ عن ذلك، مجالٌ مغناطيسيٌّ مستديمٌ خاصٌّ للأرض، ذو طابع ثنائي القطب (شمالاً) و(جنوباً).
وبسبب ديناميكية عمله وتعقيداتها، غالباً ما يصاحبها بعض التقلبات الكبيرة في الشدة، ويطلق على ذلك (التباين القرني).
ولا يمكن ملاحظة هذا التباين إلا على فترات بعيدة المدى (قرون أو عقود طويلة)، وهذا ما يفسر حركة وميلان القطب الشمال المغناطيسي.
خلال الفترات السابقة عَبْر عشرات آلاف السنين؛ بسبب التقلبات في ديناميكية المجال المغناطيسي للأرض، نجد أن هنالك اضطراباتٍ لتدفق الشحنات المغناطيسية.
مما يؤدي إلى ضعف المجال المغناطيسي للأرض، وكذلك يسبب ميلان القطب الشمالي، فنجده يتّجه بسرعة نحو الشرق.
وتم رصده في الوقت الحالي من الباحثين أنه يتجه باتجاه سيبيريا، وذلك خلال (18) سنة الماضية فقط، ما يجعلنا نتوقع حدوث انقلاب أقطاب الأرض في الأعوام القادمة.
4- هل حدث انقلاب الأقطاب في السابق؟
إن ميلان الأقطاب وانعكاسه، قد حدث خلال قرون سابقة، وهذا ما لاحظه العالم الجيوفيزيائي الفرنسي (برنارد برونهيز).
عندما وجد في بلدة (سيزينز) الفرنسية الصخور البركانية القديمة ممغنطة عكس اتجاه المجال المغناطيسي للأرض، وكان من المفترض حدوث عكس ذلك.
علاوة على ذلك؛ لوحظ عبر تاريخ التقارير الجيولوجية، أن هذا الانعكاس والميلان للأقطاب المغناطيسية، حدث نحو (200) مرة، خلال (80) مليون سنة ماضية.
وقد يحدث هذا الانقلاب، بمعدل مرتيْن إلى ثلاث مرات في القرن الواحد، ولكن من الممكن، أن تمرّ ملايينُ السنوات دون حدوث أي انقلاب في أقطاب الأرض المغناطيسية.
5- البوصلة وتطبيق غوغل للخرائط (مابس)، وانقلاب الأقطاب
إنّ للبوصلةِ أهميةً في معرفة الاتجاهات، وهي تتكون من إبرة صغيره من المغناطيس، يسمح لها بالتحرك بحرية دون تثبيت.
ونجد أن كلّاً من طرفي الإبرة يتجه للطرف المعاكس له من أقطاب الأرض، وبالتالي؛ فالطرف الملون بالأحمر يمثل القطب الشماليّ.
ولكن مع انقلاب الأقطاب، ستنعكس البوصلات أيضاً، مما يسبب خللاً وإرباكاً بوسائل الملاحة المعتمدة عليها، وقد يتجه البعض لتطبيقات تفيد في هذه الحالة، مثل (غوغل مابس)، ولكنّ هذه التطبيقات أيضاً قد تواجه خللاً مع انقلاب الأقطاب.
6- تأثير انقلاب الأقطاب على كوكب الأرض؟
فوائد المجال المغناطيسي متعددة، ولا تختزل فقط، على تحديد الاتجاهات واستخدامات البوصلة.
فله دورٌ فعّالٌ في حماية كوكب الأرض، من الرياح والعواصف الشمسية، والأشعة فوق البنفسجية.
وقد تعرض كوكب الأرض لعاصفة شمسية قوية عام (1989)، مما تسبب في تعطل محطات كندية عن العمل وإيصال الكهرباء إلى (6) ملايين شخص.
وكذلك حدثت عاصفة أخرى في عام (2000)، مما أدى إلى تلف العديد من أقمار الاتصالات.
إن في حدوث انعكاس الأقطاب، ما يسبب مشاكلَ في التكنولوجيا المعاصرة.
كمشاكلِ توقف أو تعطل محطاتِ الطاقةِ، وأجهزة الملاحة، والأقمار الصناعية، ومشاكل اجتماعية، مثل مشاكل تعطل أقمار الاتصالات والتواصل على الأرض.
كما أنّ للمجالِ المغناطيسي وانقلابِ أقطابه وميلِها تأثيراً على التغير المناخي، الذي يؤثر بدوره على درجات الحرارة، والأمطار والفيضانات، وارتفاع نسبة البراكين والزلازل.
7- الخاتمة( أقطاب الأرض وميلها)
قد يحدث انقلابُ الأقطاب وميلها في وقتنا الحالي، وقد لا يحدث إلا بعد ملايين السنين.
فما زالت الأوساط العلمية لا تستطيع الجزم في آليةِ ديناميكيةِ عمل المجال المغناطيسي للأرض وأقطابه، حتى وقتنا الحالي.
ولكننا نتساءل الآن؛ هل سيستمر العرف السائد في الحياة؟ … مَن كانت في جيبه بوصلة لن يضيّع الاتجاه؟
ثامر 🌷🌷