وهل هنالك حلول لوقف التغير المناخي؟
1- مقدمة
شاهدت البشريةُ تأثيراتِ التغير المناخي حول العالم في الآونة الأخيرة، ورصد العلماء ذلك التغير.
كما تعقبوا أسبابه، وحاولوا جاهدين وضعَ بعضِ الحلول المقترحة، للتصدي للتغير المناخي.
وهذا ما سنوضح معالمه، ونبين جميع جوانبه وتداعياته الكارثية.
2- مفهوم التغير المناخيّ
يُعرف بالتغير المناخي، وهو التغير والتحول على مدىً طويلٍ في درجات الحرارة وحالة الطقس.
وبالتالي تكون هذه التغيرات بسبب عواملَ طبيعيةٍ، كالشمس وتبدلات حالاتها في الدورة الشمسية .
وكذلك الأقطاب ومَيَلانُها، وقد تكون هذه التغيرات، بسبب عواملَ وتدخلاتٍ وأنشطةٍ بشريةٍ.
كما لوحظ منذ القرن التاسع عشر، أن الأنشطةَ البشرية والنهضة الصناعية، هي المسبب الأول والرئيسي في تغير المناخ.
3- ما أسباب التغير المناخي والآثار المترتبة عليه؟
إنّ للتغيّر المناخيّ آثارَه الواضحةَ على الإنسان، ما جَعَل الأوساطَ العلمية تسعى لتسليط الضوء على أسبابه وآثاره المدمرة للطبيعة الفطرية، والحياة الإنسانية من جميع جوانبها المختلفة.
مما لا شك فيه أن أسباب التغير المناخي متعددةٌ، سنستعرض معكم بعضاً منها.
أولاً: العوامل الطبيعية
العوامل الطبيعية للتغير المناخي والمساهمة في تغيرات المناخ وحالة الطقس هي:
أ) الشمس والدورة الشمسية
تعتبر الشمس من العوامل الطبيعية المؤثرة على المناخ، بسبب نشاط دورتها الشمسية أو الكسل الشمسي لها الذي تؤثر عليه البقعة الشمسية .
بالإضافة إلى أن الشمس تساهم في تغيير درجات الحرارة، إما نتيجة الرياح الشمسية الهائلة التي تُرسلها للأرض.
أو بسبب كسلها الشمسي وانخفاض إشعاعاته وتأثيره على حالة الطقس والمناخ.
إنّ لأقطابِ الأرض وميلها تأثيراً واضحاً، على قوة وضعف الغلاف المغناطيسي للأرض، ما يؤثر على حماية الأرض ضد الشحنات الإشعاعية المُرْسَلَة من الشمس، وبالتالي؛ يؤثر ذلك على درجات الحرارة والأشعة فوق البنفسجية.
ثانياً: العوامل البشرية للأنشطة الصناعية
أ) الغازات الدفيئة
الانبعاثات الغازية للغازات الدفيئة -مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان- ومشاكلها؛ التي تؤدي إلى زيادة معدل الاحتباس الحراري.
كما تسبب ارتفاع درجة حرارة الهواء الجوي والمسطحات المائية، تعتبر من الأسباب الرئيسية لحدوث التغيرات المناخية.
بالإضافة إلى تأثيرها المباشر في ذَوَبانِ الجليدِ القطبيّ، وزيادةِ مستوى المسطحات المائية، ما يُؤثر على المساكن المطلة عليها، فتكون عرضةً دائماً للفيضانات.
كما يَنتُج عن ارتفاع درجة الحرارة، جفافُ بعض المسطحات المائية، الذي يعتبر من الأمور المدمرة للبيئة الفطرية، ينتج عنه شحّ في الماء، الذي يعد عصب الحياة، لكلٍّ من الإنسان والنبات والحيوان.
كما إن التغيراتِ في درجة الحرارة، تؤدي إلى احترار الأرض والمسطحات المائية، وبالتالي؛ تزيد نسبة البراكين والزلازل والعواصف الكارثية.
ب) الوقود الأحفوري
إن احتراق الوقود الأحفوري، كالفحم والنفط والغاز والصناعات القائمة عليه، يزيد من تلوث البيئة وارتفاع درجات الحرارة.
وبالتالي؛ يؤدي إلى التغير المناخي، على مدىً طويلٍ، فيُحْدِث اضطراباتٍ للمناخ وحالات الطقس، فيسبب خللاً في التوازن البيئي.
ج) الزحف المعماري على الغابات
إن الزحف المعماري الجائر للإنسان على الغابات، يجعل مساحة الغطاء النباتي تتضاءل على كوكب الأرض.
بالإضافة إلى احتراق واشتعال الغابات، ونحن نعلم أن النباتات تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون، في عملية البناء الضوئي، ما يساعد في تقليل نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء الجوي، وهو يعتبر من الغازات الدفيئة، التي تزيد ارتفاع درجات الحرارة، التي تؤثر في تغير المناخ.
كما إن قطع الأشجار وارتفاع درجات الحرارة، وجفاف المسطحات المائية، أدّى إلى هجرة الطيور، وتغير مساراتها وأوطانها وتوقيت هجراتها، وهذا ما لاحظه علماء البيئة الفطرية على الطيور.
4- التأثيرات الواضحة للتغير المناخي وظواهره المتطرفة
أ) الموجات الحارة
نتيجةً للتغير المناخي لكوكب الأرض؛ شُوهدتْ في الفترة الأخيرة في مختلف أنحاء العالم، موجاتُ حرٍّ غير مسبوقة، وحَطّمتْ الأرقام القياسية في ارتفاع درجة الحرارة في بعض مناطق العالم.
علاوة على ذلك بلغتْ درجات الحرارة في بعض مناطق أوروبا أعلى من (40) درجة مئوية.
كما وصلتْ في بعض الدول الخليجية نحو (70) درجة مئوية، وبلغت في بعض الدول الأفريقية نحو (50) درجة مئوية.
ونتيجة لذلك تكونت الموجات الحارة،التي تسببت في حالات من الوفيات، وإتلاف بعضِ المحاصيل الزراعية.
ب) الأمطار والفيضانات
هطلت الأمطار الغزيرة بمعدلات قياسية مرتفعة، وتحمل بعض تلك الأمطار حبات البرد الكبيرة، ما نتج عنه بعض الفيضانات المدمرة.
تلك الفياضانات تسببت في حالاتٍ من الوفيات، وخسائرَ ماديةٍ كبيرةٍ في البنية التحتية للمدن، ودمار الأراضي الزراعية.
وهذا ما حدث في ألمانيا وبلجيكا في منتصف يوليو، ما أدى إلى مقتل قرابة (200) شخص، وانهيارات أرضية في بعض المدن.
ج) الحركة التكتونية
قامت الأوساط العلمية بتتبع الحركة التكتونية للصفائح الأرضية، وازدياد نشاط الزلازل والبراكين، وهذا ما شاهدناه في بعض الدول، مثل الزلازل في إيران وتركيا، وكذلك البراكين في إندونيسيا وإيطاليا وأيسلندا.
5- المناطق الرابحة والتغير المناخي
إن تَبِعاتِ التغير المناخي، لها تأثيرُها المدمر على بعض المناطق، من جفاف وفيضانات وموجات حارة.
ومن ناحية أخرى، نجد هذا التغير، قد أثّر على بعض المناطق بصورة إيجابية، وهذا ما رُصد في صحراء الربع الخالي والأراضي العربية بشكل عام، حيث شهدت أجزاءٌ واسعةٌ من صحراء الخليج العربي، تحديثاتٍ مفاجئةً في المناخ، خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.
كما زاد المعدل السنوي لتساقط الأمطار، في المناطق الأكثر جفافاً في العالم، إلى أضعافِ نسبته السنوية، مما أدّى إلى تشكل أنهارٍ جديدةٍ وسيولٍ، ساعدت على نمو بعض الأشجار والحشائش والغطاء النباتي.
علاوة على ذلك؛ قام ثوران البراكين وانبعاث الغازات والأدخنة، بانعكاسٍ للحرارة، وخفف من احترار الأرض.
6- الحلول المقترحة للتصدي للتغيرات المناخية
الحلول المقترحة تتمركز في تحسين الأنشطة البشرية، لما يتوافق مع حماية بيئتنا المناخية، وهذا ما ذكره علماء البيئة، والأوساط المعنية، في حماية كوكب الأرض، وأبرمتْ بعضُ الحكومات والدول اتفاقياتٍ، لدرء آثار التغير المناخي وأخطاره، حيث عمدتْ إلى توجيه العالم، نحو عدة قرارات واتفاقيات لحماية البيئة.
ومن ضمن تلك القرارات، استبدالُ استخدام الطاقة النظيفة؛ بطاقة الوقود الأحفوري، مثل الطاقة الشمسية، أو طاقة الرياح، أو غيرها من بدائل الطاقة النظيفة، كما وُجّهتْ التعليمات للدول، إلى الحد من الأنشطة المساهِمة في انبعاث الغازات الدفيئة.
وعلاوة على ذلك، نصّت تلك الاتفاقيات، على أهمية تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أوصت بالاهتمام بالغطاء النباتي، وزراعة الأشجار، وتوفير الحماية للغابات، ووضعتْ بعض الإجراءات المتبعة، للتقليل من التغير المناخي، على مدىً طويلٍ.
7- الخاتمة
إن للتغير المناخي آثارَه الواضحةَ على الإنسان، فقد وضع بَصْمته على أمننا الغذائي، وعلى صحتنا، كما أثّر على سلامة أوطاننا وبيئتنا.
وقد نتساءل؛ ما التحديات القادمة مع المناخ؟ ماذا لو لم يتّحدْ العالم للتصدي للتغير المناخي؟ هل نحن الأكثر تأثراً بالمناخ، أم الأجيال القادمة؟ ما مستقبل أبنائنا؟ وما شكل العالم الذي سوف يَرِثُونه من بعدنا؟
كل تلك التساؤلات، حتى وقتنا الحاضر، تعتبر مجهولةَ الإجابة.
نسأل الله تعالى السلامةَ، وأن يحفظ الجميع.
ثامر 🌷🌷