شرح للآية رقم (6) ناشئة الليل في سورة المزمل
أولًا: المقدمة
قال الله تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)
سوف نتطرق لتفسير و توضيح وشرح معاني الكلمات في الآية الخاصة ناشئة الليل، ونلقي نظرة شاملة على التفهيم و الفهامة، وكيف باستطاعتك أن تزيد مستوى الادراك العقلي لديك والصفاء الذهني من خلال تطبيق ما ورد بآية ناشئة الليل.
ثانيًا: الفرق بين كلمة النشأة، وكلمة إن شاء الله
علينا أن نعلم مسألة مهمة وهي ما تعني كلمة (النشأة) كما وردت في بعض الآيات :
كقول الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم)
وقوله تعالى: (كَمَا أَنشَأَكُم)
وقال الله تعالى: (أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ)
وقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ)
فكلمة (النشأة) كما وردت في الآيات، ليس بمعنى الإرادة الموجودة في كلمة إن شاء الله، والتي تعنى الإرادة الخالصة.
و لكن المقصود فيما ورد في الآيات السابقة وكذلك في العديد من الآيات القرآنية؛ هو أن تلك الآيات تتحدث عن فعل البناء والإرادة الملموسة، والمقترنة بفعل.
أي أن تلك الآيات لم تأتي بأمر الله كن فيكون، بل قام الله سبحانه وتعالى بفعل البناء والصنع.
إذًا نستطيع الآن معرفة الفرق بين معنى (إن شاء الله) وكلمة (النشأة) في الآية المدرجة ناشئة الليل.
ثالثًا:إعراب كلمة ناشئ شرح آية ناشئة الليل
قال تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)
وهنا نجد أن كلمة (ناشئ) تدل على (اسم فاعل) أي الذي يقوم بفعل معين.
وعلى سبيل المثال فالفعل (ركض) وهو فعل ماضي، فنجد أن اسم الفاعل لهذا الفعل هو (راكض).
فعندما تسأل عن الشخص الذي قام بهذا الفعل، فتقول من الراكض الذي حائز على المركز الاول؟
و كذلك الساقي الذي يهتم بالأشجار ويسقيها، فالساقي يدل على اسم فاعل، وتعتبر السقاية هي الفعل، أما الأشجار مفعول به منصوب، وهو جمع تكسير.
* معلومات في اللغة
جمع تكسير انظر لكلمة (أجراس) فهي جمع التكسير، لكننا نجد أن في أصل اللغة المنتظمة جمع المذكر السالم، وجمع المذكر السالم نوع من أنواع الجمع، حيث يُرفع بواو وثبوت النون، مثل كلمة (مديرون، معلمون).
بالإضافة إلى جمع المؤنث السالم، فنجد عند الجمع قد وضعت الألف والتاء المفتوحة، و مثال على ذلك معلمة جمعها معلمات، إلى آخره.
لكن كلمة (شجرة) لا نستطيع أن نطلق عليها شجرات، لمنع التعذر فنقول أشجار وهذا النوع من الجمع يسمى جمع تكسير
رابعًا: الاستخلاص الفكري في ناشئة الليل، ورفع درجة الفهامة
قال تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)
– ناشئة الليل؛ والمقصود هنا الانسان الذي يقوم على العمل في الليل، أي الاجتهاد ليلاً، التي ذُكر في الآيات (قليلاً من الليل ما يهجعون)، (وبالأسحار هم يستغفرون)، العمل الناشئ بالليل، فيجمع الانسان به الخيرات.
– أشدُ وطئًا؛ و الوطأة هو ما يدخل القلب من صفاء و ثبات.
– وأقوم قيلا؛ تأتي كلمة (قيلا) من القول، ومن الممكن أن نستخرج معنى كلمة (قيلا) من قيلولة ومشتقاتها، أي النوم لفترة بسيطة.
خامسًا: الخلاصة
هنا تستخلص مسألتين مهمتين وهي أن يجتمع صلاح الفعل بالعبادة، و سكينة القلب وحسن نطق اللسان في عبادة الليل.
ونتيجة لذلك نستطيع القول أن عبادة الليل هي سبيلٌ للفهامة، وهي نتيجة واضحة لزيادة فهمك.
فنستخلص من ذلك؛ أن أول طريق الفهامة هو عبادة الليل، وهذا يعني أن عبادة الليل تعتبر أول طريق الفهامة التي يكافئ بها الله من يشاء برفع درجة فهمه.
سادسًا: الخاتمة
إن لقيام الليل أثرٌ يلمس جوارحك، ونقاءٌ يتسلل لقلبك، وإنارةٌ تضيء عقلك، فمن عجائب قيام الليل، أنك تقوم به في الظلمة الحالكة سرًا، فينير الله لك الحياة جهرًا، فهي هديةٌ لنا من رب العالمين، فلا تفوت هديتك.
الله أعلم و أحكم
ثامر 🌷🌷
