ما هي البصيرة ؟ هل تمتلك البصيرة ؟ وكيف تحصل على البصيرة ؟

the sun
دقيقة للقراءة
ثامريات-هل تمتلك البصيرة ؟

البصيرة :

تحدثنا في مقالٍ سابق، عن البصيرة والفرق بينها وبين البصر، حيث يمكنك أن تجد ذلك في مقال/هل كُلّ مَن يرى يُبصر؟ ومَن يسمع يُطيع؟ وما البصيرة؟

وفي المقال التالي، سوف نسهب في الحديث أكثر عن البصيرة، وكيفية الحصول عليها، وهل تمتلكها أم لا؟

كذلك لماذا عليك أن تمتلكها، والوصول لمرحلة ودرجة عالية منها

ذلك كله نطرحهُ، من وجهة نظرنا، ومن خلال دراستنا لآيات القرآن الكريم

- Advertisement -

أولاً : ما المقصود بالبصيرة؟

بدايةً، دعنا نتطرق عزيزي القاريء، وبشكل سريع ومختصر عن ما المقصود بالبصيرة؟ ومن آيات القرآن الكريم

حيث أنه وصلنا سؤال حول أن بعض آيات القرآن، تساق بأن البصر هو النظر، استناداً على الآيات الكريمة التالية :

في قوله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

  • يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ۖ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) سورة البقرة
  • يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) سورة النور
  • لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) سورة الأنعام
  • لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) سورة الأعراف

نجيب على ذلك، بأن كلمة (يكاد)، في الآيات الكريمة السابقة في سورة البقرة وسورة النور، هي استدراك تأتي بعدة معاني، مثل قرب الوقوع، أو يكاد البرق أي مكيدة البرق، بمعنى يكيد البرق لهم ليخطف ابصارهم، أو اقترب لخطف البصر

- Advertisement -

يخطف الابصار, يظن البعض أنه تفسير حسّي وهذا خطأ بالبداية، فهو مثال لغوي قرآني يدخل بصفة التشبيه

حيث شبّه الله -عزّ وجلّ-، البرق بقوة الإيمان، وضعف البصر والبصيرة لرؤية ماهو غير ملموس، والشعور به بخطف البصر والبصيرة

وأما قوله تعالى : (لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ)، في سورة الأنعام، ليس بمعنى أن الله سبحانه يراك ولا تراه، وذلك لأن الإدراك هو معرفة المحيط الحولي باللغة

- Advertisement -

حيث أن تعريف كلمة الإدراك ( الإدراك باللغة) : هو عملية يتم من خلالها تعرف الفرد على محيطه الخارجي، عن طريق استقبال المنبهات الخارجية بحواسه، ومن ثم تأويلها وتفسيرها حسب الاتجاهات الذاتية.

إذاً هي عملية .. يدرك سبحانه ما تبصر به بصيرتك وما حولك، ولا تستطيع أنت أن تدرك ما تخطيط الله -جّل جلاله-، إلا ما حدثنا به بكتبه السماوية ولا تدرك ما حوله

إيمان القلوب

أما قوله (لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا)، هذهِ الآية هي فاصل المنظومة الحسية والملموسة، حيث أن هنا القلب ليس بمعنى ضخ الدم، ولا المقصود وظيفته المادية

هنا ما يقصد به هو الاستشعار الايماني، الشعور الغير قابل للفظ، والتي فسرناها على أنها الطمأنينة الايمانية والقوة الايمانية

لذلك من الممكن أن تملك قلب لكن لا تملك الايمان، ليس كل من يملك قلب هو مؤمن، وفي نفس السياق كذلك، الفرق بين العين الناظرة، والعين الباصِره

حسناً، هل للحقيقة عين ؟ لا .. بل هي مجازية، لهم عيون لا تملك البَصيرة

وهل هناك إثبات غير الفلسفة الثامرية بدليل قاطع؟ نعم هناك دليل قاطع ومن القرآن الكريم

قال الله في سورة الأعراف : ( وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَسْمَعُوا ۖ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) )، ينظرون إليك وهم لا يبصرون

إذن البَصيرة ببساطة هي : بعد الرؤية والاستنتاجات الصحيحة دون أدله ملموسه .

البصيرة أقرب ما يكون للإيمان القلبي واليقين بالله سبحانه

ثانياً : هل تمتلك البصيرة ؟

بعد معرفة ما المقصود بالبَصيرة، هل تعتقد عزيزي القاريء أنك تمتلك البَصيرة ؟

قبل كل شيء، وقبل أن تجيب عن السؤال السابق، نقول إن التخطيط الصحيح هو عامل مهم وأساسي في الوصول للهدف، انظر مقال/ماذا بعد تحقيق الهدف ؟

حيث أن في التخطيط تحفيز للتفكير والمدارك، وبالتالي تصل إلى الاستنتاجات السليمة وتحقيق الأهداف

وعليه فإن التخطيط يعتبر فرع من فروع البَصيرة، وكما أن للبصيرة فروع وأنواع، أيضاً هناك درجات، بمعنى أن هناك نسب للبَصيرة

للتوضيح .. على سبيل المثال

لو أن هناك دكتور بروفيسور في الطاقة النووية، لديه علم و درجة مرتفعة من التخطيط والتحليل لكنه غير مؤمن بالله

حيث أن هذا يعد من أنواع البصيره والاستنتاج في العقل، كما ذكرنا سابقًا، وهو من عند الله عز وجل

وفي المقابل لديك شخص أمي لايعرف القراءة والكتابة، أو على درجة بسيطة من العلم، لكنه مؤمن بالله -عزّ وجّل-

تجد أن الأول لا ينفعه علمه ولا بصيرته في الآخرة حيث يذهب خالي وصفر اليدين، لأنه غير مؤمن بالله

أما بالنسبة للشخص الثاني، فقد حصل على درجة من درجات البصيره، وهي الإيمان بالله عزّوجّل، دون أن يراه

وهذا ما أثبتته الآيات القرآنية الكريمة، في قوله تعالى :

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)

سورة يوسف

وعليه، فإنك عندما تؤمن بالله سبحانه، تكون قد حصلت على نوع من أنواع البصيره، وعلى درجه من درجات البصيره وهي المهمه وهي القاعده الأساسية في امتلاك البصيره

وذلك أنه عندما قمت بالايمان بالله -عزّ وجّل-، تكون قد آمنت به دون أن تراه، آمنت في بصيرتك

و هذه درجة ممتازة في القاعده، وهي الإيمان بالله حتى لو كنت أمي

ومما سبق نقول، أن البصيره ممكن أن تمتلكها وأنت لا تعرف القراءة والكتابة

أو بمعنى آخر، إن كنت مؤمن بالله سبحانه، وكتبه. ورسله فإنك تمتلك بذلك درجة من درجات البصيرة بل وأهم درجة منها لأنها لن تذهب هباءاً منثوراً

دراسة كلام الله وتدبر آياته يفتح البصيرة ويرفع درجتها

ثالثاً : كيفية امتلاك البصيرة

عزيزي القاريء، كما ذكرنا سابقًا، أنك بمجرد إيمانك بالله وكتبه ورسله وملائكته

فإنك امتلكت أول درجات البصيره، حيث تبدء عملية الرحلة الاستكشافية

وعندما تقوم بقراءة أو سماع آيات القرآن الكريم، وتدبرها وتتفكر فيها، كما وعندما تدرس كلام الله سبحانه وتعالى، ابتغاء الحكمه والفهم والتفقه في الدين، يسقيك الله من العلم والفهم والحكمه

وبالتالي عندما يراك الله وأنت تجتهد في عمل ذلك، يفتح لك البصيره أكثر وأكثر

وهنا سؤال يطرح نفسه، وهو .. لماذا نحاول فتح البصيرة وامتلاكها أو حتى الحصول على أعلى درجة من درجاتها؟

حسناً، حتى نجيب على هذا السؤال لابد أن نقف ونطرح مسأله مهمه جداً لها صلة وثيقة في الإجابة .. نذكرها في ما يلي

رابعاً : آيات الله

عن الرسول -صل الله عليه وآله وسلم-، قال : (( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يُخَوِّفُ الله بهما عباده، وإنهما لا يَنْخَسِفَان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتم منها شيئا فَصَلُّوا، وَادْعُوا حتى ينكشف ما بكم ))، حديث نبوي

من الحديث الشريف السابق، فإن من آيات الفلك، الشمس والقمر، وأن الله سبحانه، جعل فيهما صفة التخويف لعباده، كما آيات الأرض مثل الزلازل والبراكين والفيضانات

وفي قوله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ (105) وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوٓاْ أَن تَأۡتِيَهُمۡ غَٰشِيَةٞ مِّنۡ عَذَابِ ٱللَّهِ أَوۡ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (107) قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (108) وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (109) حَتَّىٰٓ إِذَا ٱسۡتَيۡـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ جَآءَهُمۡ نَصۡرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُۖ وَلَا يُرَدُّ بَأۡسُنَا عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ (110) لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَتَفۡصِيلَ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ (111) 

سورة يوسف

في الآيات الكريمة السابقة، يقول الله -عزّوجلّ-، يمرون على آيات السماوات والأرض وهم معرضون، لذلك عليك أن تتفكر وتنظر

ولأن البعض لا يتفكر بالآيات، يقولون عنا منجمين، فعلى سبيل المثال إن المذنب هو آية نادرة في السماء، دلالته :

( أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ )، غاشية من عذاب الله وهم لا يشعرون

ومن فك لغزها. انظر ماذا تأتي الآية : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )

ماذا تستشف هنا؟ تستشف أن بالبصيرة تفهم وتفك لغز آية السماء

لا تحتاج إلى فلسفة كبيرة، آية في السماء ثم بعدها عذاب

ويكشفها أصحاب البصيرة، وهو ليس تنجيم أو شرك بالله لاسمح الله، بل بصيرة

انظر للآيات السابقة وتحديداً آية (١١١) من سورة يوسف، تفصيل كل شيء، قصة قصة وعبرة وتصديق لآيات الله تعالى وهدى

هنا نقول لو سجد الجميع أثناء أحداث المذنب، لهدى الله سبحانه الناس ورحمهم وما أنزل عذابه

زرع الله بقلوب البعض الخوف وهذا هو المطلوب ( ليرجعوا إلى الله تعالى ويستغفروا ويتوبوا )، ولكن المشكلة بالذي لم يخف أبداً

إن هذه المسألة المهمة التي تم شرحها عن آيات الله في السماء والأرض، هي توضيح وإجابة سؤال .. لماذا نحاول فتح البصيرة وامتلاكها أو حتى الحصول على أعلى درجة من درجاتها؟

الخاتمة

في ختام مقالنا، ومما ذكرنا فيه، فبمجرد ايمانك بالله وكتبه ورسله وملائكته، فأنت تملك البصيرة

وبقراءة ودراسة كلام الله -جلّ وعلا-، أنت تفتح وترفع درجة البصيرة لديك

وبامتلاكك للبصيرة ووصولك لدرجات عالية منها، تتقرب إلى الله أكثر، ويسوق لك الخير والعلم والحكمه

اللهم افتح ونور بصيرتنا

الله اعلم واحكم

ثامر

المصدر : محبين قناة ثامريات

مشاركة