المقدمة
في ( سلسلة النفس البشرية ) سوف نسلط الضوء على النفس وأنواعها، وكيفية تهذيبها وتزكيتها، للحصول على التصالح معها
من خلال عدة مقالات سوف تُنشر على شكل سلسلة مرقمة، نغطي بها أغلب جوانب النفس البشرية، بدايةً من ” ماهي النفس وأنواعها ” وصولاً إلى كيفية الترقي والسمو في التصالح معها وتطويرها
وذلك من وجهة نظرنا، ودراستنا وتدبرنا لآيات القرآن الكريم .
أولاً : ما هي النفس ؟
بدايةً وقبل كل شيء، لابد أن نعرف ونفهم ما هي النفس البشرية. بمعنى آخر ما المقصود بالنفس ؟
لنبدء بسؤالٍ مهم، هل كل آثامنا بفعل أو وسوسة من الشيطان ؟
نعرف أن في شهر رمضان الكريم، الشياطين تكبل، ولكن مع هذا تجد البعض
من البشر يقع في الإثم خلال هذا الشهر
إذاً هناك عامل آخر سبب في وقوع البشر في الآثام وارتكاب المعاصي
وهذا العامل هو ما يطلق عليه ” النفس “، نوضحها أكثر ؛
الإنسان عبارة عن ٣ أجزاء :
١- الجسد : وهو الجزء المادي من الإنسان، العظام والعضلات والأعضاء والدم ( يكبر ويهرم )
٢- الروح : بمثابة الطاقة لعمل هذا الجسد، والروح من أمر الله تعالى ( قانون نيوتن : كل جسد ساكن، ما لم تحركة قوة ) والروح هي القوة التي تحرك الجسد والنفس
٣- النفس : هي الضمير، هي الأفكار والطباع والمعتقدات والمشاعر، هي ما تملي عليك أفعالك، هي التي تخاطب العقل والقلب، هي التي تشكل شخصيتك الإنسانية
ثانياً : النفس فلسفياً و دينياً
هناك دراسات فلسفية، ودراسات دينية فيما يخص النفس
الدراسة الفلسفية تتحدث عن ما قاله الفيلسوف أرسطو، أن النَفس عبارة عن حصانين يقودان عربة، حصان أسود و حصان أبيض
وأنت من يسيطر على الحصانين، إن فقدت السيطرة عليهم تتدمر عربتك وتهوى وتصبح غير متزن، وشبه الحصان الأبيض بالنفس التي تأمر بالخير والحصان الأسود بالنفس التي تأمر بالشر
أما بالنسبة للدراسات الدينية وكما هو مثبت في آيات القرآن الكريم
أن النَفس ثلاث أنواع، وذكر بعض المفسرين أنها شجرة واحدة يتفرع منها الأنواع الثلاث، وهم :
- النَفس المطمئنة
- النفس اللوامة
- الَنفس الأمارة بالسوء
ثالثاً : أنواع النفس
كما ذكرنا سابقاً، هناك ٣ أنواع للنفس نشرح نوعية كل واحدة منها على حده
١- النَفس المطمئنة : هي التي تأمر بالخير المطلق، على سبيل المثال، مساعدة صدقات، فرائض، حياة اجتماعية تأمرك بفعل وقول الخير.
٢- النَفس اللّوامة : مرتبطة في التوبة والكف عن الخطأ، والمحاسبة .
٣- النَفس الأمارة بالسوء : هي التي توجهك للمحرمات والآثام والمعاصي، وفعل الشر .
رابعاً : آلية عمل النفس
من بعد معرفتنا لأنواع النَفس، نذكر أنه لا يوجد شر مطلق، ولا يوجد خير مطلق، تبقى عملية نسبية حسب قدرة الإنسان على السيطرة عليها
بمعنى آخر، أن الإنسان فيه من الثلاث أنواع للنفس، ولكن بنسب مختلفة، لذلك عليك أن تعلم أن النفوس غير ثابتة في جسدك
فالشخص السيء الذي يحمل نفس أمارة بالسوء قد يعطف على قطة أو يساعد مسكين محتاج، كذلك النَفس المطمئنة من الممكن أن تخطيء فهي غير معصومة عن الخطأ والإثم
كيف ذلك ؟
هنا يأتي دور النَفس اللوامة حتى تصحح مسارك بالتوبة والاستغفار وفعل الخير
إذن مما سبق، نستشف أن كل نفس لها أفعال وأوامر، وأنت الذي تتحكم بالسيطرة على أي نفس منهم
خامساً : من المتحكم في النفس ؟
نلتمس أن معظم الحركات والنشاطات الغير الملموسة، تقع بين الصدر والدماغ على سبيل المثال، عندما تشعر بحزن خوف فرح، لا تشعر به في قدمك ولا يدك ولا بطنك ولا سرتك مثلاً، بل تشعر به في الصدر
ومن الصدر تذهب الإشارة إلى العقل، ونقطة الربط هنا القلب هذا الجزء الذي يضخ الدماء، هل هو المسؤول عن الشعور ؟ لدينا قلب ولدينا فؤاد
شرحنا في مقالات سابقة أن القلب هو أساس الأمر الحسي، إن فسد القلب فسد الفؤاد، وليس من الشرط إن فسد الفؤاد يفسد القلب، فالفؤاد هو الضمير انظر مقال / العقل للتفكير والقلب لضخ الدم ، كذلك / ما يجب أن تعرفه عن القلب والفؤاد
نعود إلى نقطة أن الفؤاد هو الضمير، ما يعذبك وما يريحك وما يلومك هو نفسك، بمعنى آخر هو الفؤاد الخاص بك
هو المسؤول عن عملية الفرح السعادة الدين الطمأنينة اللوم الأمر بالسوء، الخير والشر
هذا الجزء الذي يتحكم بالإنسان والحيوان، الجزء الخفي الذي ينبع من الصدر
عندما تراجع ( نفسك ) وتلومها بأمر ما، تجد أن ضميرك مرتاح لا يلومك
أو إن نويت شراً مثلاً، تجد أن ضميرك سمح لك بذلك، الفؤاد هنا يعطي الأمر إلى العقل ليصنع لك الخطط
على سبيل المثال، عند الخوف يرتفع الادرينالين، تشعر بالخوف بصدرك
هنا يعطي هذا الفؤاد أو الضمير الأمر للعقل للهرب مثلاً
هذهِ العملية بين المشاعر ( الخوف ) والأوامر( الفعل في العقل ) والتي على اساسها تفرز الغدة التي لا نراها مادة الادرينالين، مسؤوله عن كل شيء يسمى بالاحساس الغير ملموس( الأوامر الغير حسية )، هي آلية عمل الفؤاد أو الضمير، فإن كان الفؤاد أو الضمير لا يشعر بالخوف فلن يأمر العقل بضخ الادرينالين وبالتالي لن يهرب الشخص ( الفعل )
الخاتمة
لذلك عليك عزيزي أن تتولى القيادة بعقلك، ولا تجعل عقلك يتحكم بك
هذا القانون هو جهاد النَفس، إمكانية السيطرة على عقلك
بالبداية نتعلم أن لحظة إعطاء الفؤاد أمراً للعقل بالشر مثلاً كالانتقام، فإن العقل يكبح الفؤاد ويرفض فكرته، هنا عقلك المسيطر
لأن الغضب والشر والخير، يُطلق من الصدر إلى العقل
إن لم تسيطر على هذه الأوامر تقع بالمحظور
الله تعالى أعلم وأحكم
ثامر 🌷🌷
يُتبع .. ( سلسلة النَفس البشرية ٢ ) آلية عمل النفس ( سلسلة النفس البشرية ٢ )