المقدمة :
في سلسلة النفس البشرية الجزء الثالث، سوف نتحدث عن كيفية السيطرة على النفس
كذلك كيفية التحكّم بها، للوصول إلى مصالحتها ومن ثم تعزيزها وتطويرها
وذلك من خلال وجهة نظرنا الخاصة
أولاً : السيطرة على النفس
عندما تحدثنا في سلسلة النفس البشرية الجزء الأول، انظر المقال / ماهي النفس وما أنواعها ؟ ( سلسلة النفس البشرية ١)، تطرقنا لنظرية فلسفية مهمة، وهي أن النفس كالعربة يقودها حصانين
حصان أبيض يرمز للخير، وحصان أسود يرمز للشر، وهي نظرية مقاربة لأنواع النفس، ولكن ينقصها النفس اللّوامة، والتي ترجعك لفطرتك السليمة وتصحح مسارك، كما ذكرنا في إسهاب في مقال / آلية عمل النفس ( سلسلة النفس البشرية ٢ )
والجدير بالذكر، أنك لابد أن تكون المتحكم بقيادة هذهِ العربة، حتى لايذهب كل حصان على هواه، فيضّل طريقك وتتحطم عربتك
لذلك يجب على قائد العربة أن يتخذ خطوات سريعة، لتهذيب الحصانين ويوازي بين سرعتهم، فلا يفلت ويسبق أحدهم الآخر
لا أحد يسبق الآخر، لا تقول أنه يجب على الحصان الأبيض أن ينتصر ويسرع
أنت هنا لست بسباق، أنت هنا لديك خيرك من الله عزوجل، وشرك من الشيطان وتحاول السيطرة على خطوات قيادتك أثناء الرحلة
تجتمع هذه العربة والخيل، فيما يسمى : بنفس اللوامة أو الأمارة بالسوء
هذه النفس هي التي يجب أن تسيطر عليها
يكمن السؤال في كيفية السيطرة على هذهِ النفس ؟
ببساطة هو الانحياز، نعم برغم قساوة عقاب الله تعالى
لكن عليك أن تختار، أما تكون شيطان، أو تكون معتدل الأخلاق
إن لم تستطيع أن تقود عربتك بالحصانين
عليك الركوب على حصان واحد
أما الأبيض (الخير)، أو الأسود (الشر)، حتى لا تصل للجنون
الاختيار هو أنت وحدك من يحدده للعلم، ولا أحد غيرك
وهذا سبب الكثير من ضياع الناس، أنهم لم يركبوا حصان واحد
بل أصرّوا على قيادة الحصانينن دون السيطرة عليهم، فذهب كل حصان باتجاه، فتحطمت العربة وضاع الشخص، لذلك عليك بالتوازن بينهما
ثانياً : الغضب والهدوء
إن من أهم الأمور في السيطرة على النفس، الهدوء والوصول لمرحلة هدوء النفس
وهذا الهدوء هو نقطة القوة في النفس البشرية
بالإضافة إلى التحكم بغضبك عن طريق الهدوء، كيف ذلك ؟
نوضحها بشكل أكبر ونسهب في الحديث عن هدوء النفس والسيطرة على الغضب
عليك أن تعلم عزيزي، بدايةً، أن ليس بمعنى أن الإنسان الذي يغضب هو إنسان ضعيف
لابد أن تعرف شيء مهم جداً، هناك فرق بين الغضب بسبب معين، وما بين البلاده، وما بين الحزن، وما بين العصبيه، كُلٍ بينهم فرق
ولكن خصلة الغضب، هي خصلة سيئه تميل إلى الشيطان أكثر من أنها تميل إلى شيء آخر
لذلك، في مسألة الغضب دائماً ننصح، أن يقوم الإنسان بالوضوء ويُصلي، لأن الغضب خصلة شيطانيه
لكن ليس معنى أن خصلة الغضب خصلة الضعف، فسيدنا موسى- عليه السلام-، كان قوي وكان السريع الغضب كذلك، وهذا الشيء معروف فيه وذُكر في القرآن الكريم، في قوله تعالى : { فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ } طه آية ٨٦
وسريعين الغضب معروف عنهم بأنهم كذلك أصحاب قلب حليم، وسريعين الهدوء، يغضب فيعالج غضبه فيهدأ
أي بمعنى إن الغضب في بعض النقاط هو محفز للإنسان لبعض الحلول
ولكن القوة تكمن في عدم إظهارك لهذا الغضب وهذهِ العصبية، والتحكم في ردات أفعالك، وأن لا تكون قراراتك من لحظة غضبك
معروف في علم النفس، ودائماً نسمعها ( لا تتخذ أي قرار في حال الغضب )
لذلك نذكر إن من أهم نقاط القوة في النفس البشرية الهدوء، بمعنى أن تظهر الهدوء حتى في حال غضبك من شيء
وإن كان هذا الهدوء مصطنع، أن تتصنع الهدوء هذهِ نقطه قوة، وليس بنقطة ضعف، فقيادة النفس التي نتحدث عنها دائمًا ( قد عقلك، قد نفسك ) هي تكمن في الهدوء الخاص بك
وذلك لأنك لو لم تمتلك هذا الهدوء، والسيطره على جوارحك، وعلى عقلك، لا تستطيع أن تقوم بأي سيطره على من حولك، أو حتى السيطرة على عقلك
بالإضافة إلى أن في مسألة الغضب وعدم السيطرة عليه، أنت تفقد العقل
انظر إلى ما وصل العالم له من جرائم قتل، جرائم العنف، الحسد يوصل للغضب أيضاً، كل ذلك، لتكسير الغضب، كذلك تجد الاعتداء على الآخرين بسبب الغضب
إذاً بالهدوء والتركيز على الهدوء الداخلي، يوصلك إلى التحكم والسيطرة على النفس
ثالثاً : كيفية السيطرة على النفس والتحكم بالغضب
للوصول لمرحلة الهدوء، والسيطرة على الغضب، وبالتالي تصل إلى مرحلة التحكم بالنفس
عليك بطريقة الصدمات المضادة، وإعادة بناء الفكرة
على سبيل المثال ؛ زوجي يخونني، اعطي فكرة مضادة ( زوجي مخلص ويحبني )، أو فلان جرحني بكلام قاسي، فكرة مضادة ( هو يريد مصلحتي )
تكون هنا قد صدمت العقل بمعلومة مضادة للفكرة الموجودة، وعليك أن تعيها وتصدقها
وللعلم، إن من أصعب الأمور الداخلية، هي التحكم بأفكار عقلك
ولكن بالإرادة والتكرار تستطيع أن تتحكم بأفكارك بإذن الله تعالى
كذلك، عليك بكثرة الاستغفار أثناء الغضب
وأيضاً مارس الصمت، وحتى وإن كنت في قمة غضبك، حاول أن تمارس الصمت والتنفس بعمق
مع الممارسة والتطبيق المستمر، تصل بإذن الله تعالى لمرحلة الهدوء الداخلي والتحكم بالغضب
ومن هنا نأتي للمحور الأخير في السيطرة على النفس، وهو السيطرة على عقلك
رابعاً : السيطرة على عقلك
كما ذكرنا تكمن السيطرة على النفس، في السيطرة على العقل، وعلى أفكارك
ومنها تصل إلى السَيطرة على غضبك والوصول للهدوء الداخلي
ولكن ! هل تستطيع أن تتحكم بأفكارك وتُسيطر على عقلك، وأنت مشوش الذهن، وتحمل أفكار ومشاعر سلبية، ولديك مشكلات عالقة تشغل تفكيرك ؟
بالإضافة إلى ذلك، كيف سوف تصل للصفاء الذهني لتتحكم بعقلك وأفكارك ؟
في هذهِ الحالة اتبع عزيزي طريقة الكتابة وتفريغ المشاعر والأفكار
أولاً: قبل النوم كل يوم، قم بكتابة جميع المشاعر السلبية التي تشعر بها، كذلك المشكلات التي تعاني منها وعالقة في ذهنك
ثانياً: حاول أن تتخلص من أصل وجذر المشكلة المعرقلة لديك
لابد أن نذكر هنا ؛ إنك من الممكن أن تريح عقلك بعمل يوغا على سبيل المثال، أو تسمع موسيقى هادئة تريح افكارك وتحسن مزاجك، لكن سيبقى العقل الباطن لديك يفكر في الأمور المعلقه داخل هذا الجسد، أو داخل هذا العقل
لذلك عليك التخلص من أصل وجذر المشكلة، انظر مقال / برمجة العقل كذلك مقال / القوانين الثمانية الخاصة بالعقل الباطن
الخاتمة
بعد التعرف على كيفية السيطرة على النفس، لابد أن نعرف كيف نطورها ونتصالح معها
وذلك ما سنتطرق له في الجزء الرابع من سلسلة النفس البشرية
الله تعالى أعلم وأحكم
ثامر 🌷🌷