هل تهبط الحجارة من خَشية الله- عزّ وجلّ -؟

the sun
دقيقة للقراءة
ثامريات-هل تهبط الحجارة من خشية الله ؟

المقدمة

هل تهبط الحجارة من خشية الله تعالى ؟ ذكرت هذه الكلمات في سورة البقرة، وتحديداً في الآية (٧٤)

وهل هناك تأثير من الغير العاقل على العاقل ؟

من خلال دراساتنا وتفكرنا في آيات القرآن الكريم، نجيب من وجه نظرنا الخاصة على تلك التساؤلات في المقال التالي

معنى كلمة حجارة :

بدايةً وقبل أن نسهب في شرحنا، نذكر قوله تعالى في سورة البقرة :

- Advertisement -

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

سورة البقرة ، الآية ( ٧٤ )

وإن منها لما يهبط من خشية الله، وهنا المقصود الحجارة كما جاء في الآية الكريمة السابقة

وعند التفكر في المعنى، فأول ما يخطر في أذهاننا عن الحجارة هي الشهب والنيازك، كما ذكر القرآن الكريم في العديد من المواضع

والذي كان لها دور واضح وهي رجوم للشياطين

ولكن ! هناك مسألة لابد الالتفات لها ..

أنه سبحانه وتعالى لم يقل في الآية الكريمة السابقة، شهاب يهبط أو من الشهب، بل قال ومن الحجارة، بمعنى آخر، تم تعميم الحجارة بالمطلق

- Advertisement -

وعليه فإنه لابد أن يكون هذا الشهاب أو النيزك يغلب على تكوينه حجر ويضاف إليه المعادن التي تتكون منها النيازك والشهب

على سبيل المثال، ينزل المطر من السماء، والمطر بالأصل تكوينه ماء، والماء عبارة عن اوكسجين وهيدروجين H2O ، بمعنى التكوين الاساسي ماء

لذلك، لو كان القصد مما يهبط من الحجارة هي الشهب والنيازك، إذاً لابد أن يكون الأصل في التكوين هو مادة الصخور، الرمال المتحجرة

- Advertisement -

بمعنى آخر، طبع خلقي فيه قابل للنحت والتعرية والتفتت، واختلط بمعادن

أو قد يكون القصد من كلمة الحجارة هو كل ماهو متيبس كالحجر، فتكون حجار السماء هي الشهب، وحجار الأرض هي الصخور

ولكن ! هل المقصود في الحجار هي حجارة الأرض أم السماء ؟ وحتى نجيب على هذا السؤال لابد أن نعرف معنى الهبوط ( تهبط ) التي ذكرت في الآية الكريمة

سورة البقرة ، الآية ( ٧٤ )

معنى كلمة تهبط ( حجارة تهبط )

إن تطرقنا لمعنى كلمة الهبوط فهي تعني : (الانخفاض ،النزول، الانحدار) بمعنى آخر، نزول الشيء من مكان مرتفع إلى مكان منخفض

ولكن هناك تخصيص أكثر في كلمة ( الهبوط ٠ تهبط )، حيث أنه عندما يهبط الشيء فهو كذلك ينزل بسرعة متوسطة وليس بسرعة نفاثة أو بسرعة الضوء

فعندما نقول هبطت الطائرة على سبيل المثال، فإنها تهبط بتدرج وبسرعة معتدلة متوسطة، وليس بسرعة نفاثة عالية

أيضاً في سياق الآية السابقة، جاء ذكر الله – عزّ وجلّ -، للذين قست قلوبهم فأصبحت كالحجارة، هم المشركين بالمطلق، وبني اسرائيل بالتخصيص

بمعنى أن الذين قست قلوبهم هم بشر / ناس، من أهل الأرض

وعليه، فإن ما تحدث عنه الله سبحانه وتعالى، في الآية يخص أمور دنيوية أكثر منها سماوية

حيث ذكر العلي القدير ما ممكن أن يحدث من الصخر من حالات نشاهدها في الواقع على الأرض، كخروج الماء من بين الصخور

وإشارة هبوط الصخر هي ما تمثل الانهيار الجبلي، وسقوط الصخور من الجبال

ولكن لدينا كذلك، أنواع للانهيار الجبلي، هناك تصدع الجبل فتتساقط الصخور، كذلك لدينا انخساف الجبل على سطح الأرض

حسناً ! بعدما تطرقنا لشرح كلمتي ( يهبط – حجر ) في سياق الآية الكريمة السابقة، نطرح السؤال التالي :

كيف يؤثر الغير العاقل على العاقل ؟

تأثير الغير عاقل على العاقل

ورد في القرآن الكريم، تسبيح مخلوقات الله سبحانه وتعالى، ولكننا لا نفقه هذا التسبيح كما جاء في سورة الاسراء :

تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا

سورة الاسراء آية ( ٤٤ )

وعليه، فإن حتى هذا الحجر يسبح بحمد الله، ولكننا لا نفقه تسبيحه

هنا تلتمس ارتباط مباشر بين الله تعالى ومخلوقاته الغير عاقلة، فعندما تشاهد جبلاً تصدع أو إنهار، فأعلم أنه من تسبيحه ومن خشيته لله حدث ذلك كما جاء في قوله تعالى :

لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ

سورة الحشر آية ( ٢١ )

وهذا الارتباط المباشر بالله – عزّ وجلّ -، حتى إذا أراد الله أن يأمر مخلوقاته الغير عاقلة بأمرٍ ما فإنها تستجيب من فورها

كأن يأمر سبحانه وتعالى، الأرض أن تنخسف فتنخسف، أو الجبل أن تسقط صخوره على أحد فتسقط

الخاتمة

إذاً هذه المخلوقات الغير عاقلة هي جنود الله – جلّ وعلا -، يأمرها وتؤثر على مخلوقاته العاقلة ( الإنسان )

تهبط من خشيتها لله سبحانه، والذي نراه ماد لا يعقل هو له حياة خاصة لا نفقها ولا نفقه منطقها

والله تعالى أعلم وأحكم

ثامر 🌷🌷

المصدر : محبين ثامريات

شاهد مقال / شرح آياتي رقم ( ٩ – ١٠ ) من سورة فصلت ؛

مشاركة