المقدمة
وردنا سؤال حول كيفية برمجة العقل والأفكار، لتصب في مصلحة صاحبها
وعليه نجيب في المقال التالي، من وجهة نظرنا الخاصة
أولاً : استنساخ الأفكار
هل يُمكن لتغير الفكر، وبالتالي برمجة العقل أن نستنسخ أفكار الغير ؟
بالنسبة للأفكار، من الممكن أن نتبنى فكر معين نعم، ولكن لا نستطيع أن نستنسخ فكر معين
والتبني يختلف في مفهومة عن الاستنساخ
حيث أن معنى الاستنساخ لغةً : النسخ، أي بمعنى النقل، على سبيل المثال نقل معلومة من كتابٍ لكتاب آخر دون التغير في شيء
بمعنى آخر، الحصول على النسخة الغير الأصلية من الشيء ولكن بمواصفات طبق الأصل
وإن قست مفهوم الاستنساخ على الأفكار، فأنت تنسخ فكر غيرك لفكرك دون الاقتناع أو الفهم، وهذا لن يغير شيء من أفكارك
أما تبنّي الفكرة : هي عملية عقلية تعني انتقال الفرد من مرحلة سماع الفكرة الجديدة، لمرحلة القبول والاقتناع النهائي بها، فتصبح هذهِ الفكرة الجديدة جزء من معتقداته وأفكاره
و أما في الفلسفة الكونية الثامرية
الإنسان قابل لتعديل السلوك الظاهري، لكن غير قابل لتبديل الطبع الفطري أو الطبع الموروث .
نوضحها أكثر ؛
يُربط طبع الإنسان بشكل مباشر بالنفس
أي من الممكن أن تحاول أن تُصلح النفس السيئة لتظهر خارجياً بعض التعديل
لكن تبقى النفس الداخلية تشد بصاحبها للعودة لطبعه السيء
وبالتالي تميل لكل شيء سيء، ونتيجةً لذلك يصبح السوء غاية، أو شهوة
وهنُا يبدء الاختبار الحقيقي
إما أن يجاهد الإنسان نفسه، وإما أن يخضع ويعود لأصله الرديء
ثانياً : الهِدايه من الله تعالى
لذلك قال تعالى لسيدنا لمحمد -عليه أفضل الصلاة والسلام وآله- :
لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ
سورة البقرة، آية ٢٧٢
لأن الله -جّل وعلا-، يعلم الإنسان ونفسه، ويعلم أن في بعض الأوقات كلام الرسول المكثف، والجهد المبذول في بعض النفوس لن يأتي بنتيجة
فيصبح هذا هدر لطاقة الرسول الكريم-صل الله عليه وآله وسلم-.
لذلك قال تعالى للرسول الكريم، أن عليه فقط التنذير والبلاغ، واترك الحكم لهم و لنفوسهم
ليس بكثرة الجدال والكلام ينصلح ويُهدى الإنسان، فالنصيحة المهدرة تعود بالضر على صاحبها فتُنقص من شأنه
كما أن يجالس الشخص الحمقى، قتنقص قيمته
لذلك الصمت والتوقف عن النصح في بعض الأحيان يكون حكمة من الحكم
والله عزوجل، يعلم ما في نفوس البشر وما يخفون، فيهدي من يشاء ويُضل من يشاء
ثالثاً : الفلسفة الدينية وبرمجة الأفكار
الفلسفة الدينية واضحة، فهي تصب بالإيمان بالله وحده لا شريك له
وكلما تعمقت بها تجد فقط أنها عبارة عن إثباتات أن الله -جل وعلا-، رب يُحمد ويُعبد، واحد صمد
ولا تخرج غير بنتيجة واحده، أن الله سبحانه وتعالى، هو الملجأ الوحيد لك
لكن السؤال الفلسفي الأكثر عمقاً، هو كيف يكون الله ملجئي ؟
إن كنت ذات طباع سيئة، أي نفسك بها سوء، وتحتاج أن تجاهد هذهِ النفس
فبالتالي، تحتاج أيضاً أن تغير من أفكارك، وتبرمج عقلك لتتغلب على طباعك
وترجع وتلجأ لله وحده لا شريك له
دون الدوران حول الفلسفات الكثيرة، وكذلك فلسفة الطاقات (علم غير ملموس)
كل تلك الفلسفات تصب بالعقل الباطن، و العقل الباطن له دربان :
درب الله تعالى، ودرب الشياطين [ وفي كلا الحالتين يُبرمج ]
وليستطيع الإنسان برمجته، مهما سمعت عن نظريات طاقية لن تجد سوى :
تأمل – استرخاء – تركيز فقط
الجميع يلعب بالكلمات ليعود ويصبها ( بالاسترخاء والتأمل والتركيز الذهني )
كيف استرخي ؟
لن تسترخي وأنت مهموم، أو لديك خلل بقواعد هرم ماسلو
عندما تصلي لا تسرح، لكن المعظم يسرح بالصلاة
لأن عقله غير مرتاح ومشوش
وعليه لابد أولاً أن تطبق قاعدة هرم ماسلو، ثم تحل المشاكل والهموم المعرقلة لوصولك للاسترخاء التام وبالتالي سوف تصل للتركيز الذهني لبرمجة عقلك
رابعاً : طريقة البرمجة
على سبيل المثال ؛ الجذب هو برمجة عقل وقوة ذهن وتركيز على الهدف
يأتيك ما تريد بإذن الله تعالى
البعض يستعين بالشياطين السبعة كذلك، و يصل لما يريد جذبه ( درب وبرمجة الشيطان )
والبعض يدعي ربه فقط وكذلك يصل ( برمجة ودرب الله تعالى )
هنا جمع بين الدعاء وبرمجة العقل، فتكون خالصة لله وحده
والعلاج بالطاقة هو نفسه العلاج النفسي، وذلك لأن المريض سخّر عقله
لمعالج، سواء بالطاقة أو جلسات العلاج النفسي
هو تحايل على النفس البشرية وعقل الضعفاء
نأتي بمثال للتوضيح أكثر ؛
في قراءة الرقية الشرعية، الراقي يقرأ عليك قرآن فتشعر بتحسن
ولكن القرآن هو القرآن، لماذا لا تقرأ أنت على نفسك ؟
السبب، إنك أنت غير مؤمن بنفسك، ونتيجةً لذلك عقلك لن يتجاوب معك لعلاج نفسك، فتذهب لراقي ليشفيك
والشافي هو الله سبحانه وتعالى (( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِيْنِ )) سورة الشعراء،آية ٨٠
انظر لمقال /التشويش الذهني وعلاقته بالشيء الغير ملموس
لكن الخادم يبقى خادم، والملك يبقى ملك والملك لله وحده، وجميعنا خدم لله
والتابع يبقى تابع، والقيادي يبقى قيادي
إلا إن آمن ووثق بالله وبنفسه فيتغير
كل شيء يصب بهذا
الخاتمة
حتى تبرمج عقلك وأفكارك، مهما تغيرت المسميات والعلاجات والفلسفيات
هناك طريق واحد فقط، وهو اللجوء لله جلّ وعلا مؤمناً به، واثقاً به، ثم تثق وتؤمن بنفسك، وعدم تسليم عقلك وأفكارك لمن يتحكم بها ويسيرها
كُن أنت القائد والمسيطر على أفكارك وعقلك، فتجاهد نفسك وتسيطر على الطباع السيئة، انظر لمقال / السيطرة على النفس ( سلسلة النفس البشرية ٣ )