ماهي العِشار التي ستتعطل؟
الكثير من المفسرين تطرق لشرح معنى “العشار”، واختلفت الآراء في تفسيرها وشرح معناها،
أما نحن فلنا رأي ووجهة نظر خاصة، من خلال دارساتنا في آيات الفرقان، في شرح معنى “العشار”، وهل لها صلة في ميثاق سيدنا موسى عليه السلام مع الله جل وعلا؟ ونشرح ذلك في المقال التالي :
أولاً :
ميثاق سيدنا موسى عليه السلام :
قبل أن نتطرق لشرح معنى “العشار” لنأخذ أولاً آية ميثاق سيدنا موسى عليه السلام:
( وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) الأعراف، الآية 142 .
في الآية الكريمة السابقة، عندما واعد الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام ثلاثين ليلة، وأتمها سيدنا موسى ورجع لله عز وجل، طلب الله تعالى من موسى عليه السلام أن يعود ويُتِمّ عشرَ ليالٍ أخرى، فأتّمها كاملة .
لماذا الليالي العشرة الأخرى ؟
من هنا استنبطنا قاعدة مهمة.. إن كان لديك حاجة تريد أن تطلبها من الله عز وجل؛ قم بالتقرب منه عز وجل بالصوم عشر ليالٍ مع الاعتكاف، كما طلب الله
تعالى من سيدنا موسى عليه السلام. لذلك الثلاثون ليلة شيءٌ، والأيام العشر شيء آخر..
هي محببة عند الله تعالى ومختلفة، ولها قدر كبير عند الله تعالى.
وذلك استناداً على آيات أخرى في القرآن الكريم، بشكل رقمي، والأخذ بالرقم عشرة. ( انظر سورة الفجر) .
ثانياً :
( والفجر وليالي عشر ) :
في سورة الفجر أقسم الله تعالى بالفجر والليالي العشر.
هنا ذهب بعض المفسرين إلى أن المقصود بالليالي العشر: العشر من ذي الحجة، أو العشر الأواخر من شهر
رمضان المبارك،
أما إذا اعتمدنا تفسير القرآن بالقرآن؛ أو التفسير الرقمي، فستجد أن الله عز وجل عندما طلب من سيدنا موسى عليه السلام، إتمام الليالي العشر، أقسم
بعدها بالفجر وليال عشر.
والمقصود بالليالي العشر هنا –من وجهة نظرنا- الليالي العشر المذكورة في ميثاق سيدنا موسى عليه السلام.
ذلك لأن الله تعالى بعد ذلك، ذكر في سورة التكوير ( وإذا العِشار عطلت ) .
بمعنى أن هذه الأيام العشر الإعجازية عند الله تعالى؛ والتي لها قدر كبير عنده جل وعلا، سوف تتعطل.
للتوضيح أكثر، نأخذ جزءاً من سورة الفجر.
ثالثاً:
سورة الفجر :
قال تعالى: “وَالْفَجْرِ ( 1 ) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ( 2 ) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ( 3 ) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ( 4 ) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ( 5 ) “.
انظر قَسَمَ الله عز وجل في الآيات السابقة؛ أقسمَ بالفجر والليالي العشر والشفع والوتر والليل إذا يسر. ماذا تلاحظ بالأمور التي أقسم الله تعالى بها ؟
هي أمور محببة عند الله تعالى، تقربك منه جل وعلا، لها قدر كبير عنده، فيها التوبة إليه جل وعلا.
وعندما نأتي لِ ( العشار عطلت )–ولما شرحناه سابقاً وأسندناه لآيات الفرقان من أن ( العشار ) هي الليالي العشر في ميثاق سيدنا موسى عليه
السلام ؛ ليالٍ خاصة لله تعالى
فالمقصود أن الأمور المحببة لله تعالى؛ والتي تقربك منه؛ وفيها توبتك إليه؛ سوف تتعطل .
لماذا؟
لنسهب أكثر في شرح سورة التكوير، التي جاءت بها آية (وإذا العِشار عطلت )
رابعاً :
سورة التكوير ( وإذا العشار عطلت ) :
قال تعالى: “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1 ) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ( 2) وَإِذَا الْجِ بَالُ سُيِّرَتْ ( 3 ) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ( 4 ) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ( 5 ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6 ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ( 7 ) “.
في الآيات الكريمة السابقة يشرح لنا الله عز وجل بداية أحداث القيامة، فتجد اختلال طبيعة الخلق، حيث تسير الجبال، وتتحرك النجوم يميناً ويساراً بشكل عشوائي، ثم تُطمس وتفقد نورها، والعشار تُعطل، والوحوش تحشر.
بمعنى آخر؛ يفقد الخلق غير العاقل خاصيته، ويعمل بشكل مضاد للخاصية، بشكل أدق (خلل النظام) .
على سبيل المثال :
- الجبال ثابتة.. “الجبال تسير” ( مضاد عملها) .
- النجوم محور ثابت “النجوم عبثية” .
- البحار ماء يطفئ النار “البحار مشتعلة؛ كلها سجرت”.
يصبح هناك خلل في المنظومة قبل الانهيار. ما سبب هذا الخلل؟
سبب هذا الخلل، هو شر الناس المتبقين في ذلك الوقت.
هل يريد الله تعالى إخافتهم؟ أمر ممكن.
هل يرد الله تعالى تعذيبهم؟ أمر ممكن أيضاً.
لأنه مرّ على الأرض الكثير من الشرور قبل خلل النظام، أما الباقون من البشر في ذلك الوقت، فهم أشر من الأشرار الذين مروا على الأرض كافة.
القهار جل وعلا لم يقل إن هذه الأحداث، تأتي مرة واحدة في نفس اللحظة.
الله تعالى أعطاك الأحداث، لكن لم يقل إنها تحدث مرة واحدة، بعضها مع بعض.
إذا حدث شيء من هذه الأحداث -لنفرض أن أحداث الدابة حدثت وتكلمت- لماذا لن يؤمنوا؟ لماذا سيضل شرار البشر ولن يؤمنوا ؟
ببساطة: لأنه لن يكون هناك قرآن، ولن تكون هناك توبة، يرفع الله تعالى الإيمان والقرآن، وتُعطل العِشار ( الليالي العشر المحببة عند الله تعالى في التقرب إليه ) .
في الختام
ما ذكرناه في المقال، ما هو إلا وجهة نظرنا، وليس تفسيراً قرآنيّاً للمقصود بِ “العِشار”.
الله تعالى اعلم واحكم
ثامر
المصدر : الفلك والجفر مع ثامر
اقرأ / اقرأي أيضاً : شرح وحدانية الله بسورة ” الإخلاص ” و” الناس ” , وما الفرق بينهما ؟