القضاء والقدر، الحظ والنصيب

the sun
دقيقة للقراءة

المقدمة

ما معنى القضاء والقدر، وما الفرق بينهما؟ ، وهل للحظ والنصيب تأثير على حياتنا؟ هل هناك حظ جيد وحظ سيء؟

في ما يخص القضاء والقدر، الحظ والنصيب، وردتنا عِدة أسئلة، نُجيب عليها في المقال التالي

وذلك من وجهة نظرنا الخاصة، ومن خلال أبحاثنا ودراستنا لآيات القرآن الكريم

- Advertisement -

أولاً : ما معنى القضاء و القدر

نذكر بدايةً، القدر .. يأتي باللغة من التقدير والمقدرة، وما يقدره الله من القضاء

كذلك تأتي من صفات الله -عزّ وجلّ- القادر، القدير، المقتدر

القدر نوعان :

١- القدر المسير : وهو النوع الذي لا يستطيع الإنسان أن يزيد أو ينقص منه

بمعنى آخر لا يستطيع الإنسان تغييره، مثل موعد ولادة و وفاة الشخص، لذلك الانتحار محرم، لأنك بذلك تدخل في المسائل القدرية.

- Advertisement -

٢- القدر المخير : هو النوع الذي يستطيع الإنسان تغييره، لماذا؟ وكيف؟

قال تعالى في سورة التوبة : { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) }

بمعنى أن عليك أنت العمل والاختيار، والله -عزّ وجلّ-، سيرى عملك، الله ينظر إليك ولعملك

- Advertisement -

تؤمن به سبحانه أم ترفض الإيمان، تعمل المعاصي والسيئات أم الحسنات والأعمال الصالحة، تقوم بالعبادات المطلوبة وتدعوه، أم تعرض وترفض

الاختيار لك، لذلك يوجد جنة ونار

ولا يوجد ما يسمى بالقدر المطلق، الذي على سبيل المثال؛ أنت مكتوب لك منذ الولادة أن تدخل النار، هذا الأمر يخرج من باب القسط والعدل الإلهي

أما بالنسبة لمعنى القضاء .. تأتي كلمة القضاء من أصل كلمة قضى

قال تعالى :

{ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) }

سورة الاسراء

تأتي كلمة قضى بمعنى الأمر، أمر لكن بأعلى درجات المسلمات، حكم نهائي لا تبديل ولا تغيير فيه

عندما تتفكر في كلمة القاضي، القاضي في المحكمة يقضي في الأحكام

ويوجد للقاضي أحكام قابله للاستئناف، وأحكام نهائية غير قابله للاستئناف

تم فيها إصدار نطق الحكم النهائي، وفي نفس السياق يقال قضى القاضي بالحكم

بمعنى أن الحكم سجل وحفظ وأصبح من الماضي، لكن مفعول هذا الحكم ينعكس لسنوات

على سبيل المثال ؛

قضى القاضي في قطعة أرض لشخص ما كان متنازع عليها، وقع الحكم وأصبح بالماضي وثبت، ونتائج الحكم أصبحت طويلة المدى، لأن الأرض أصبحت لهذا الشخص يفعل بها ما يشاء الآن أو بعد حين

كذلك كلمة قضى في آيات القرآن الكريم، تأتي بمعنى كتب و أصدر أمر

خزن في الماضي و سجل، مفعوله إلى مدى طويل إن شاء الله ثابت

لذلك تم قول واستخدام كلمة وقضى في بعض الآيات، ولم يقل الله تعالى، وكتب ربك ألا تعبد إلا إياه، لأنه فيها خليط ما بين اللغة، الاستماع، والفعل

يوجد فيها فعل نطق لغوي، حيث أن انتقاء الله -جلّ وعلا- لكلمة قضى لمجموعة من الأفعال معتمده، بلا تشبيه لكن كما الحكم في المحكمة يعتمد ويقبل بأمر لفظ لغوي يقام عليه العديد من الأفعال

كذلك في الآيات، وقضى في الأمر وأنت عليك الفعل في هذا الأمر، أمر علوي لفظي يقع على ما هو دون منه

نذكر أيضاً ما جاء في سورة يوسف، بحادثة سيدنا يوسف -عليه السلام- وتفسير الأحلام

فعندما كان سيدنا يوسف في السجن، وسألاه الرجلان عن تأويل حلميهم

قال عليه السلام، كما جاء في قوله تعالى : { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) }

فبعد أن تم تفسير الحلمين، وقعت الدلاله، فقضي الأمر الذي فيه يستفتيان

بمعنى وقع وسجل، وباقي عملية الأمر الفعلي فقط، وقع اللفظ، ينتظرون الآن العمل أو الفعل الذي سوف يقع عليهم

ثانياً : الحظ والنصيب

ذُكرت كلمة الحظ بآيات القرآن الكريم في عدة مواضع، نذكر بعضٌ منها :

قال تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

  • { وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ۗ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} آل عمران، ١٧٦
  • { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ …} النساء، ١١
  • { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } فصلت، ٣٥
  • { يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } القصص، ٧٩

من الآيات الكريمة السابقة، فإن كلمة حظ تعني النصيب

وهنا نقول، أن بالنسبة للحظ الجيد، والحظ السيء المتعارف عليه والمتداول

فهذا ما يسمى بالتيسير والتوفيق من الله -عزّ وجلّ- وليس حظ

للتوضيح أكثر ؛

يوجد تيسير حال، وتعسر حال، أما الحظ فهو أمر خاطيء مثله كمثل الميسر منهي عنه ومحرم

على سبيل المثال ؛ لعب المقامرة أو القمار، هو عبارة عن أمر ممنوع محرم حتى في معظم الديانات السماوية، تدخل هنا في عملية الميسر.

وهذا الأمر مرفوض تماماً، وقد ربط مع الخمر والربا.

نعود لتيسير الحال، تيسير الحال هو عبارة عن تسهيل وتسيير لأمور حياتك بكل يسر، حيث تجد دائماً الفتوحات بطريقك

وهذا التيسير يأتي بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، يقدمه لعباده، استجابةً لدعائهم وأعمالهم

فنحن عندما ندعو الله تعالى، أو نقوم ببعض الأعمال التي نتقرب بها إلى الله -جلّ وعلا- مباشرة، كي تتيسر أحوالنا بالوصول إلى أهدافنا، فهذا توفيق وتيسير من الله ولا دخل لكلمة حظ في هذا الأمر بتاتاً، انظر مقال/حسن الظن والإيمان بالله جلّ وعلا

وأما تعسر الحال، فهو عكس ما سبق تماماً

وعلى ذلك فإن النصيب هو الحظ المذكور في القرآن الكريم

والذي يعني : الجزاء وينشق منها التجزيء والجزء

جاءت كلمة النصيب في آيات القرآن الكريم، نذكر منها ما يلي :

قال تعالى : { أُولَـٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } سورة البقرة ، ٢٠٢

كذلك في سورة النساء قال تعالى : { لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا } آية ٧

نصل الآن إلى أهم التساؤلات، وهي :

هل للنصيب دخل في مسارات وقرارات الحياة؟

ما الذي يؤثر مباشرة على الإنسان، النصيب أم القضاء والقدر ؟

نجاوب في ما يلي

ثالثاً : ما الذي يؤثر على الإنسان من النصيب والقضاء والقدر؟

إن الذي يؤثر على الإنسان هو القضاء والقدر، وليس النصيب

والجدير بالذكر أن الزواج لا يدخل بالقضاء والقدر، بل هو اختيار

أما القضاء هو الذي يكتب لك من الله تعالى، لما أنت لا تستطيعه، ويترجم بالقدر، كما ذكرنا سابقاً موعد الولادة و موعد الوفاة

هذا قضاء الله يسجله في ماضيك ليترجم حاضرك به بالقدر

لكن لا يمسى الزواج الطلاق الخيانة، الكفر وعدم الإيمان بالله قضاء وقدر

أنت كل ما تقوم به مخير، وما يقع ويؤثر عليك نتيجة اختياراتك دون تدخل رباني في اختياراتك

لأن الله تعالى، لم يكتب عليك بقضائه أن تكون كافراً فتبقى كافراً

بل ترك لك الاختيار

أما النصيب، هو حظك المتجزء ومصيرك

الورث نصيب جزء يعود لك

لك نصيب من المحبة، أي لك جزء من المحبة

لذلك انتبه من بعض الكلمات المغلوطة في هذا السياق مثل :

كل شيء قسمة ونصيب – الزواج نصيب – الطلاق نصيب ( كلمات مغلوطة )

وفي الختام

إن الله -عزّ وجلّ- جعل لك حرية الاختيار، وميزك عن باقي خلقه في ذلك

ووضع لك الجزاءات والعقوبات، والجنة والنار، وبين لك طريق كل واحد منهم

وأنت عليك الاختيار وتحمل العواقب خيراً كانت أم شراً

وبالنسبة للقضاء والقدر، نقول خلاصةً .. قضينا : يعني أمر مسير انتهى

كتب وقوعه في الملكوت الأعلى على باقي الخلق بالمطلق، ملائكة بشر وغيره

وأما القدر بالدعاء يتغير

ثامر 🌷🌷

الله أعلم وأحكم

المصدر : محبين الفلك والجفر مع ثامر

مشاركة